الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } * { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } * { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } * { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } * { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } * { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } * { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } * { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } * { وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } * { وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } * { وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } * { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } * { لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } * { إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ } * { فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ } * { إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ }

قوله تعالى: { وجوه يومئذ ناعمة } أي: في نعمة وكرامة { لسعيها } في الدنيا { راضية } والمعنى: رضيت بثواب عملها { في جنة عالية } قد فسرناه في «الحاقة» [آية:22] { لا تسمع فيها لاغية } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس «لا يُسمع» بياء مضمومة. «لاغيةُ» بالرفع. وقرأ نافع كذلك إلا أنه بتاءٍ مضمومة، والباقون بتاءٍ مفتوحة، ونصب «لاغيةً» والمعنى: لا تسمع فيها كلمة [لغو] { فيها سُرُرٌ مرفوعةٌ } قال ابن عباس: ألواحها من ذهب مكلَّلة بالزبرجد، والدر، والياقوت، مرتفعة ما لم يجئ أهلها، فإذا أراد أن يجلس عليها صاحبها، تواضعت له حتى يجلس عليها، ثم ترتفع إلى موضعها { وأكوابٌ موضوعة } عندهم وقد ذكرنا «الأكواب» في [الزخرف:71] { ونمارق } وهي الوسائد، واحدها: نمرقة بضم النون. قال الفراء: وسمعت بعض كلب تقول: نِمرِقة، بكسر النون والراء { مصفوفة } بعضها إلى جنب بعض، والزرابي: الطنافس [التي] لها خَمْل رقيق { مبثوثة } كثيرة. قال ابن قتيبة: كثيرة مفرّقة. قال المفسرون: لما نعت الله سبحانه ما في الجنة، عجب من ذلك أهل الكفرة، فذكَّرهم صنعه، فقال تعالى: { أفلا ينظرون إلى الإبل } وقال قتادة: ذكر الله ارتفاع [سُرُرِ] الجنة، وفرشها، فقالوا: كيف نصعدها، فنزلت هذه الآية. قال العلماء: وإنما خص الإبل من غيرها لأن العرب لم يَرَوْا بهيمة قَطُّ أعظمَ منها، ولم يشاهدوا الفيل إلا الشاذ منهم، ولأنها كانت أَنْفَسَ أموالهم وأكثرها، لا تفارقهم ولا يفارقونها، فيلاحظون فيها العِبَر الدَّالةَ على قدرة الخالق، من إخراج لبنها من بين فَرْثٍ وَدَمٍ [و] من عجيب خَلْقِها، وهي على عِظَمها مُذلَّلة للحمل الثقيل، وتنقاد للصبي الصغير، وليس في ذوات الأربع ما يحمل عليه وقره وهو بارك فيطيق النهوض به سواها، وقرأ ابن عباس، وأبو عمران الجوني، والأصمعي عن أبي عمرو «الإبْل» بإسكان الباء، وتخفيف اللام. وقرأ أُبَيُّ بن كعب، وعائشة، وأبو المتوكل، والجحدري، وابن السميفع، ويونس بن حبيب وهارون كلاهما عن أبي عمرو «الإبِلِّ» بكسر الباء، وتشديد اللام. قال هارون: قال أبو عمرو «الإبِلُّ» بتشديد اللام: السحاب الذي يحمل الماء.

قوله تعالى: { كيف خُلقَتْ } وقرأ علي بن أبي طالب، وابن عباس، وأبو العالية، وأبو عمران، وابن أبي عبلة «خَلَقْتُ» بفتح الخاء، وضم التاء. وكذلك قرؤوا: «رَفَعْتُ» و«نَصَبْتُ» و «سَطَحْتُ».

قوله تعالى: { وإلى السماء كيف رُفِعَتْ } من الأرض حتى لا ينالها شيء بغير عَمَدٍ { وإلى الجبال كيف نُصَبَتْ } على الأرض لا تزول ولا تتغير { وإلى الأرض كيف سُطِحَتْ } أي: بُسِطَتْ. والسطح: بسط الشيء، وكل ذلك يدل على [قدرة] خَالقه { فَذكِّرْ } أي: عظ { إنما أنت مذكِّر } أي: واعظ، ولم يكن حينئذ أمر بغير التذكير، ويدل عليه قوله تعالى: { لَسْتَ عليهم بمسيطر } أي: بمسلِّط، فتقتلهم وتكرههم على الإيمان.

السابقالتالي
2