الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } * { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } * { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } * { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } * { كِرَاماً كَاتِبِينَ } * { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } * { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }

قوله تعالى: { إذا السماء انفطرت } انفطارها: انشقاقها. و { انتثرت } بمعنى تساقطت. و { فجرت } بمعنى فُتح بعضها في بعض فصارت بحراً واحداً. وقال الحسن: ذهب ماؤها، و { بُعْثِرَتْ } بمعنى أثيرت. قال ابن قتيبة: قُلِبَتْ فأُخْرِج ما فيها. يقال بَعْثَرْتُ المتاع وبَحْثَرْتُه: إذا جعلتَ أسفله أعلاه.

قوله تعالى: { علمت نفس ما قدَّمت وأخَّرت } هذا جواب الكلام. وقد شرحناه في قوله تعالىيُنَبَّأُ الإنسان يومئذ بما قدَّم وأخَّر } [القيامة: 13].

قوله تعالى: { يا أيها الإنسان } فيه أربعة أقوال.

أحدها: أنه عُنِيَ به أبو الأشدين، وكان كافراً، قاله ابن عباس، ومقاتل. وقد ذكرنا اسمه في [المدثر: 30].

والثاني: أنه الوليد بن المغيرة، قاله عطاء.

والثالث: أُبيّ بن خلف، قاله عكرمة.

والرابع: أنه أشار الى كل كافر، ذكره الماوردي.

قوله تعالى: { ما غَرَّكَ } قال الزجاج: أي: ما خَدَعك وسوَّلَ لك حتى أضعتَ ما وجب عليك؟. وقال غيره: المعنى: ما الذي أمَّنك من عقابه وهو كريم متجاوز إذْ لم يعاقبك عاجلاً؟ وقيل للفضيل بن عياض: لو أقامك الله سبحانه يوم القيامة، وقال: ما غرَّك بربك الكريم، ماذا كنت تقول؟ قال: أقول: غرني سُتورك المرخاة. وقال يحيى بن معاذ: لو قال لي: ما غرك بي؟ قلت: بِرُّك سالفاً وآنفاً. قيل: لما ذكر الصفة التي هي الكرم هاهنا دون سائر صفاته، كان كأنه لقَّن عبده الجواب، ليقول: غَرَّني كرم الكريم.

قوله تعالى: { الذي خلقك } ولم تك شيئاً { فسوَّاك } إنساناً تسمع وتبصر { فَعَدلك } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر «فعدَّلك» بالتشديد. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي «فَعَدَلك» بالتخفيف. قال الفراء: من قرأ بالتخفيف، فوجهه ـ والله أعلم ـ فصوَّرك إلى أي صورة شاء، إما حَسَن، وإما قبيح، وإما طويل، وإما قصير. وقيل: في صورة أب، في صورة عم، في صورة بعض القرابات تشبيها. ومن قرأ بالتشديد، فإنه أراد ـ والله أعلم-: جعلك معتدلاً، معدَّل الخلقة. وقال غيره: عدَّل أعضاءك فلم تفضل يد على يد، ولا رِجل على رجل، وعدل بك أن يجعلك حيواناً بهيماً.

قوله تعالى: { في أي صورة ما شاء ركَّبك } قال الزجاج: يجوز أن تكون «ما» زائدة. ويجوز أن تكون بمعنى الشرط والجزاء، فيكون المعنى: في أي صورة ما شاء أن يركِّبك فيها ركبك. وفي معنى الآية أربعة أقوال.

أحدها: في أي صورة من صور القرابات ركَّبك، وهو معنى قول مجاهد.

والثاني: في أي صورة، من حسن، أو قبح، أو طول، أو قصر، أو ذَكَر، أو أنثى، وهو معنى قول الفراء.

والثالث: إن شاء أن يركِّبك في غير صورة الإنسان ركبك، قاله مقاتل. وقال عكرمة: إن شاء في صورة قرد، وإن شاء في صورة خنزير.

السابقالتالي
2