الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } * { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } * { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } * { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ }

روى أبو عبد الله الحاكم في «صحيحه» من حديث عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ قوله تعالى: { إذا الشمس كورت } ". وفي قوله تعالى: { كُوِّرَتْ } أربعة أقوال.

أحدها: أظلمت، رواه الوالبي عن ابن عباس، وكذلك قال الفراء: ذهب ضوؤها، وهذا قول قتادة، ومقاتل.

والثاني: ذَهَبَتْ، رواه عطية عن ابن عباس، وكذلك قال مجاهد: اضمحلَّتْ.

والثالث: غُوِّرَتْ، روي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وابن الأنباري، وهذا من قول الناس بالفارسية: كُورْبكرد. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: هو بالفارسية كورُبورْ.

والرابع: أنها تُكَوَّرُ مثل تكوير العمامة، فتلفُّ وتمحى، قاله أبو عبيد.

قال الزجاج: ومعنى «كُوِّرت» جمع ضوؤها، ولُفَّتْ كما تلف العمامة. ويقال: كَوَّرْتُ العمامة على رأسي أُكوِّرُها: إذا لَفَفْتَها. قال المفسرون: تُجمع الشمس بعضُها إلى بعض، ثم تُلَفُّ ويرمى بها في البحر. وقيل: في النار. وقيل تعاد إلى ما خلقت منه.

قوله تعالى: { وإذا النجوم انكدرَتْ } أي: تناثرت، وتهافتت. يقال انكدر الطائر في الهواء: إذا انقضَّ { وإذا الجبال سُيِّرت } عن وجه الأرض، فاستوت مع الأرض { وإذا العشار عُطِّلَتْ } قال المفسرون وأهل اللغة: العشار: النوق الحوامل، وهي التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر فقيل لها: العشار لذلك، وذلك الوقت أَحْسَنُ زَمَانِ حَمْلِها، وهي تضع إذا وَضَعَتْ لتمامٍ في سنة، فهي أنفس ما للعرب عندهم، فلا يعطلونها إلا لإتيان ما يَشْغَلهم عنها، وإنما خوطبت العرب بأمر العشار، لأن أكثر عيشهم ومالهم من الإبل. ومعنى «عُطِّلت» سُيِّبَتْ وأُهْمِلَتْ، لإشتغالهم عنها بأهوال القيامة.

قوله تعالى: { وإذا الوحوش } يعني: دوابَّ البحر { حشرت } وفيه قولان.

أحدهما: ماتت، قاله ابن عباس.

والثاني: جمعت إلى القيامة، قاله السدي. وقد زدنا هذا شرحاً في [الأنعام: 111].

قوله تعالى: { وإذا البِحار سُجِّرت } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو «سُجِرَتُ» بتخفيف الجيم، وقرأ الباقون بتشديدها.

وفي المعنى ثلاثة أقوال:

أحدها: أُوقِدَتْ فاشتعلت ناراً، قاله علي وابن عباس.

والثاني: يبست، قاله الحسن.

والثالث: ملئت بأن صارت بحراً واحداً، وكثر ماؤها، قاله ابن السائب، والفراء، وابن قتيبة.

قوله تعالى: { وإذا النُّفوس زُوِّجَتْ } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: قرنت بأشكالها، قاله عمر رضي الله عنه. الصالح مع الصالح في الجنة، والفاجر مع الفاجر في النار، وهذا قول الحسن، وقتادة.

والثاني: رُدَّت الأرواح إلى الأجساد، فَزُوِّجَت بها، قاله الشعبي. وعن عكرمة كالقولين.

والثالث: زُوِّجت أنفس المؤمنين بالحور العين، وأنفس الكافرين بالشياطين، قاله عطاء، ومقاتل.

قوله تعالى: { وإذا الموؤودة سئلت } قال اللغويون: الموؤودة: البنت تُدْفَن وهي حَيَّةٌ، وكان هذا من فعل الجاهلية.

السابقالتالي
2