قوله تعالى: { الذين عاهدت منهم } في «مِنْ» أربعة أقوال. أحدها: أنها صلة، والمعنى: الذين عاهدتم. الثاني: أنها للتبعيض، فالمعنى: إن شر الدواب الكفار، وشرُّهم الذين عاهدت ونقضوا. والثالث: أنها بمعنى «مع» والمعنى: عاهدت معهم. والرابع: أنها دخلت، لأن العهد أُخذ منهم. قوله تعالى: { ثم ينقضون عهدهم في كل مرة } أي: كلما عاهدتهم نقضوا. وفي قوله: { وهم لا يتقون } قولان. أحدهما: لا يتَّقون نقض العهد. والثاني: لا يتَّقون الله في نقض العهد. قال المفسرون: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عاهد يهود قريظة أن لا يحاربوه ولا يعاونوا عليه، فنقضوا العهد وأعانوا عليه مشركي مكة بالسلاح، ثم قالوا: نسينا وأخطأنا؛ ثم عاهدوه الثانية، فنقضوا ومالؤوا الكفار يوم الخندق، وكتب كعب ابن الأشرف إلى مكة يوافقهم على مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.