الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { وما لهم ألا يعذبهم الله } هذه الآية أجازت تعذيبهم، والأُولى نفت ذلك، وهل المراد بهذا: العذابُ الاولُ، أم لا؟ فيه قولان.

أحدهما: أنه هو الأول، إلا أن الأول امتنع بشيئين. أحدهما: كون النبي صلى الله عليه وسلم فيهم. والثاني: كون المؤمنين المستغفرين بينهم، فلما وقع التمييز بالهجرة، وقع العذاب بالباقين يوم بدر، وقيل: بل وقع بفتح مكة.

والثاني: أنهما مختلفان، وفي ذلك قولان. أحدهما: أن العذاب الثاني: قَتْلُ بعضِهم يوم بدر، والأول: استئصال الكُلِّ، فلم يقع الأول لِما قد عُلم من إيمان بعضهم، وإسلام بعضِ ذراريهم، ووقع الثاني. والثاني: أن العذاب الأول: عذاب الدنيا. والثاني: عذاب الآخرة، قاله ابن عباس، فيكون المعنى: وما كان اللهُ معذِّبَ المشركين لاستغفارهم في الدنيا، وما لهم ألا يعذبهم الله في الآخرة.

قوله تعالى: { وهم يصدون } قال الزجاج: المعنى: وهم يصدون { عن المسجد الحرام } أولياءَه. وفي هاء الكناية في قوله: { وما كانوا أولياءَه } قولان.

أحدهما: أنها ترجع إلى «المسجد»، وهو قول الجمهور. قال الحسن: إن المشركين قالوا: نحن أولياء المسجد الحرام، فرد الله عليهم بهذا.

والثاني: أنها تعود إلى الله عز وجل، ذكره أبو سليمان الدمشقي.

قوله تعالى: { إنْ أولياؤُه } أي: ما أولياؤه { إلاَّ المتقون } للشرك والمعاصي، ولكنَّ أكثر أهل مكة لا يعلمون من الأولى ببيت الله.