الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } * { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } * { بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } * { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } * { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ } * { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } * { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } * { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } * { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } * { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } * { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } * { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } * { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ }

قوله تعالى: { لا أقسم } اتفقوا على أن المعنى «أقسم» واختلفوا في «لا» فجعلها بعضهم زائدة، كقوله تعالى:لئلا يعلمَ أهلُ الكتاب } [الحديد: 29] وجعلها بعضهم رداً على منكري البعث. ويدل عليه أنه «أقسم» على كون البعث. قال ابن قتيبة: زيدت «لا» على نية الرد على المكذبين، كما تقول: لا والله ما ذاك، ولو حذفت جاز، ولكنه أبلغ في الرد. وقرأ ابن كثير إلا ابن فليح «لأقسم» بغير ألف بعد اللام، فجعلت لاما دخلت على «أقسم»، وهي قراءة ابن عباس، وأبي عبد الرحمن، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وابن محيصن، قال الزجاج: من قرأ «لأقسم» فاللام لام القسم والتوكيد. وهذه القراءة بعيدة في العربية، لأن لام القسم لا تدخل على الفعل المستقبل إلا مع النون، تقول: لأَضربنَّ زيداً. ولا يجوز: لأَضْرِبُ زيداً.

قوله تعالى: { ولا أُقْسِمُ بالنَّفْس اللَّوامة } قال الحسن: أَقسمَ بالأولى ولم يقسم بالثانية. وقال قتادة: حكمها حكم الأولى.

وفي «النفس اللّوامة» ثلاثة أقوال.

أحدها: أنها المذمومة، قاله ابن عباس. فعلى هذا: هي التي تلوم نفسها حين لا ينفعها اللوم.

والثاني: أنها النفس المؤمنة، قاله الحسن. قال: لا يُرى المؤمن إلا يلوم نفسه على كل حال.

والثالث: أنها جميع النفوس. قال الفراء: ليس من نفس بَرَّةٍ ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها، إن كانت عملت خيراً. قال: هلا زِدْت. وإن كانت عملت سوءاً قال: ليتني لم أفعل.

قوله تعالى: { أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه } المراد بالإنسان هاهنا: الكافر. وقال ابن عباس: يريد أبا جهل. وقال مقاتل: عدي بن ربيعة، وذلك أنه قال: أيجمع الله هذه العظام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: «نعم»، فاستهزأَ مِنْه فنزلت هذه الآية. قال ابن الأنباري: وجواب القسم محذوف، كأنه: لتُبْعَثُنَّ، لَتُحَاسَبُنَّ، فدل قوله تعالى: «أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه» على الجواب، فحذف.

قوله تعالى: { بلى } وقف حسن. ثم يُبتدأ «قادرين» على معنى: بلى نجمعها قادرين. ويصلح نصب «قادرين» على التكرير بل فَلْيَحْسَبْنَا قادرين { على أن نُسَوِيَّ بَنَانَهُ } وفيه قولان.

أحدهما: أن نجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحداً كخُفّ البعير، وحافر الحمار، فيعدم الارتفاق بالأعمال اللطيفة، كالكتابة والخياطة، هذا قول الجمهور.

والثاني: نقدر على أن نسوي بنانه كما كانت، وإن صغرت عظامها، ومن قدر على جمع صغار العظام، كان على جمع كبارها أقدر، هذا قول ابن قتيبة، والزجاج. وقد بينا معنى البنان في [الأنفال: 12].

قوله تعالى: { بل يريد الإنسان ليفجر أمامه } فيه قولان.

أحدهما: يكذب بما أمامه من البعث والحساب، قاله ابن عباس.

والثاني: يقدِّم الذنب ويؤخِّر التوبة، ويقول: سوف أتوب، قاله سعيد بن جبير. فعلى هذا: يكون المراد بالإنسان: المسلم.

السابقالتالي
2