الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } * { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } * { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } * { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } * { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } * { إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } * { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } * { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } * { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } * { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } * { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً } * { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } * { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } * { ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً }

قوله تعالى: { يا أيها المُزَّمِّل } وقرأ أُبَيُّ بن كعب، وأبو العالية، وأبو مجلز، وأبو عمران، والأعمش: «المتزمِّل» بإظهار التاء. وقرأ عكرمة، وابن يعمر: «المزمل» بحذف التاء وتخفيف الزاي قال اللغويون: «المُّزَّمِّل» الملتف في ثيابه، وأصله المتزِّمل فأدغمت التاء في الزاي. فثقِّلت. وكل من التفَّ بثوبه فقد تزمَّل. قال الزجاج: وإِنما أدغمت فيها لقربها منها. قال المفسرون: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتزمَّل في ثيابه في أول ما جاء جبريل فَرَقاً منه حتى أنس به. وقال السدي: كان قد تزمَّل للنوم. وقال مقاتل: خرج من البيت وقد لبس ثيابه، فناداه جبريل: يا أيها المُزَّمِّل. وقيل: أريد به مُتَزَمِّل النبوة. قال عكرمة: في معنى هذه الآية: زُمِّلْتَ هذا الأمر، فَقُمْ به. وقيل: إِنما لم يخاطب بالنبي والرسول هاهنا، لأنه لم يكن قد بلَّغ، وإنما كان في بدء الوحي.

قوله تعالى: { قم الليل } أي: للصلاة. وكان قيام الليل فرضاً عليه { إلا قليلا نصفَه } هذا بدل من الليل، كما تقول: ضربت زيداً رأسَه. فإنما ذكرت زيداً لتوكيد الكلام، لأنه أوكد من قولك: ضربت رأس زيد. والمعنى: قم من الليل النصف إلا قليلاً { أو انقص منه قليلاً } أي: من النصف { أو زِد عليه } أي: على النصف. قال المفسرون: انقص من النصف إلى الثلث، أو زد عليه إلى الثلثين، فجعل له سَعَة في مدة قيامه، إذ لم تكن محدودة، فكان يقوم ومعه طائفة من المؤمنين، فشق ذلك عليه وعليهم، فكان الرجل لا يدري كم صلى، وكم بقي من الليل، فكان يقوم الليل كلَّه مخافة أن لا يحفظ القدر الواجب، فنسخ ذلك عنه وعنهم بقوله تعالى: { إِن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل … } الآية، هذا مذهب جماعة من المفسرين. وقالوا: ليس في القرآن سورة نَسَخَ آخِرُها أولَها سوى هذه السورة، وذهب قوم إلى أنه نُسِخَ قيامُ اللَّيْلِ في حقِّه بقوله تعالىومن الليل فتهجَّدْ به نافلةً لكَ } [الإسراء: 79] ونسخ في حق المؤمنين بالصلوات الخمس. وقيل: نسخ عن الأمة، وبقي عليه فرضه أبداً. وقيل: إنما كان مفروضاً عليه دونهم، وفي مدة فرضه قولان.

أحدهما: سَنَةٌ، قال ابن عباس: كان بين أول (المزَّمِّل) وآخرها سَنَةٌ.

والثاني: ستة عشر شهراً، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: { وَرَتِّل القرآن } قد ذكرنا الترتيل في [الفرقان: 32].

قوله تعالى: { إِنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً } وهو القرآن. وفي معنى ثِقَله ستة أقوال.

أحدها: أنه كان يثقُل عليه إذا أُوحي إليه. وهذا قول عائشة قالت ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، يعني يتخلص عنه، وإِن جبينه ليتفصّد عرقاً.

والثاني: أن العمل به ثقيل في فروضه وأحكامه، قاله الحسن، وقتادة.

السابقالتالي
2 3 4