الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } * { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } * { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } * { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } * { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } * { لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } * { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } * { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } * { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ } * { أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ } * { كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ } * { فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } * { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } * { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ }

قوله تعالى: { إن الإنسان خلق هلوعاً } قال مقاتل: عنى به أُميَّة بن خلف الجُمَحي. وفي الهَلوع سبعة أقوال.

أحدها: أنه الموصوف بما يلي هذه الآية، رواه عطية عن ابن عباس، وبه قال أبو عبيدة، والزجاج.

والثاني: أنه الحريص على ما لا يحلُّ له، رواه أبو صالح، عن ابن عباس.

والثالث: البخيل، قاله الحسن، والضحاك.

والرابع: الشحيح، قاله ابن جبير.

والخامس: الشَّرِه، قاله مجاهد.

والسادس: الضَّجُور، قاله عكرمه، وقتادة، ومقاتل، والفراء.

والسابع: الشديد الجزع، قاله ابن قتيبة.

قوله تعالى: { إذا مسه الشر } أي: أصابه الفقر { جزوعاً } لا يصبر. ولا يحتسب { وإذا مسه الخير } أصابه المال { منوعاً } بمنعه من حق الله عز وجل { إلا المصلين } وهم أهل الإيمان بالله. وإنما استثنى الجمع من الإنسان، لأنه اسم جنس { الذين هم على صلاتهم دائمون } وفيهم ثلاثة أقوال.

أحدها: أنهم الذين يحافظون على المكتوبات، وهو معنى قول ابن مسعود.

والثاني: أنهم لا يلتفتون عن أيمانهم وشمائلهم في الصلاة، قاله عقبة بن عامر. واختاره الزجاج قال: ويكون اشتقاقه من الدائم، وهو الساكن، كما جاء في الحديث أنه نهى عن البول في الماء الدائم.

والثالث: أنهم الذين يكثرون فعل التطوع، قاله ابن جريج. { والذين في أموالهم حق معلوم } قد سبق شرح هذه الآية والتي بعدها في [الذاريات: 19] وبينا معنى «يوم الدين» في «الفاتحة». وما بعد هذا قد شرحناه في [المؤمنين 7، 8] إلى قوله تعالى «لأماناتهم» قرأ ابن كثير وحده: «لأمانتهم» { والذين هم بشهاداتهم } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «بشهادتهم» على التوحيد. وقرأ حفص عن عاصم: «بشهاداتهم» جمعاً { قائمون } أي: يقومون فيها بالحق، ولا يكتمونها { فمالِ الذين كفروا قِبلَكَ مُهْطِعين } نزلت في جماعة من الكفار جلسوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم يستهزؤون بالقرآن، ويكذِّبون به. قال الزجاج: والمُهْطِع: المُقْبِلُ ببَصَره على الشيء لا يُزَايِلُه، وكانوا ينظرون إلى النبي نظر عداوة. وقد سبق الخلاف في قوله تعالى:مهطعين } [إبراهيم 43، والقمر: 8].

قوله: { عن اليمين وعن الشمال عِزين }. قال الفراء: العِزُون: الحِلَق، الجماعات، واحدتها: عِزَةٌ، وكانوا يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون: إن دخل هؤلاء الجنة، كما يقول محمد صلى الله عليه وسلم فلندخلنَّها قبلهم، فنزل قوله تعالى { أيطمع كل امرىءٍ منهم أن يُدَخل جنة نعيم } وقرأ ابن مسعود، والحسن، وطلحة بن مصرف، والأعمش، والمفضل عن عاصم: «أن يَدْخُلَ» بفتح الياء، وضم الخاء. وقال أبو عبيدة: عِزِين: جمع عِزَة، مثل ثُبَة، وثُبِين، فهي جماعات في تفرقة.

قوله تعالى: { كلا } أي: لا يكون ذلك { إنا خلقناهم مما يعلمون } فيه قولان.

أحدهما: من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، فالمعنى: لا يستوجب الجنة أحد بما يَدَّعيه من الشرف على غيره، إذ الأصل واحد، وإِنما يستوجبها بالطاعة.

السابقالتالي
2