قوله تعالى: { قل من حرَّم زينة الله } في سبب نزولها ثلاثة أقوال. أحدها: أن المشركين عيَّروا المسلمين، إذ لبسوا الثياب في الطواف، وأكلوا الطيبات، فنزلت، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أنهم كانوا يُحرِّمون أشياء أحلَّها الله، من الزروع وغيرها، فنزلت هذه الآية. رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث: نزلت في طوافهم بالبيت عراةً، قاله طاووس، وعطاء. وفي زينة الله قولان. أحدهما: أنها ستر العورة؛ فالمعنى: من حرم أن تلبسوا في طوافكم ما يستركم؟. والثاني: أنها زينة اللباس. وفي الطيبات قولان. أحدهما: أنها الحلال. والثاني: المستلذ. ثم في ما عني بها ثلاثة أقوال. أحدها: أنها البحائر، والسوائب، والوصائل، والحوامي التي حرَّموها، قاله ابن عباس، وقتادة. والثاني: أنها السَّمْنْ، والألبان، واللحم، وكانوا حرَّموه في الإحرام، قاله ابن زيد. والثالث: الحرث، والأنعام، والألبان، قاله مقاتل. قوله تعالى: { قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة } قال ابن الانباري: «خالصة» نصب على الحال من لام مضمرة، تقديرها: هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا مشتركة، وهي لهم في الآخرة خالصة، فحذفت اللام لوضوح معناها، كما تحذف العرب أشياء لا يُلبِس سقوطها. قال الشاعر:
تَقُوْلُ ابْنَتِي لَمّا رَأتْنيَ شَاحِبَاً
كأنَّكَ يَحْميْكَ الطَّعَامَ طبيبُ
تتابُعُ أحداثٍ تخرَّ مْنَ أخوتي
فشيَّبن رَأْسي، والخُطُوُبُ تُشِيْبُ
أراد: فقلت لها: الذي اكسبني ما ترين، تتابع أحداث، فحذف لانكشاف المعنى. قال المفسرون: إن المشركين شاركوا المؤمنين في الطيبات، فأكلوا ولبسوا ونكحوا، ثم يخلص الله الطيبات في الآخرة للمؤمنين، وليس للمشركين فيها شيء. وقيل: خالصة لهم من ضرر أو إِثم. وقرأ نافع: «خالصةٌ» بالرفع. قال الزجاج: ورفعُها على أنه خبر بعد خبر، كما تقول: زيد عاقل لبيب؛ والمعنى: قل هي ثابتة للذين آمنوا في الدنيا، خالصةٌ يوم القيامة. قوله تعالى: { كذلك نفصِّل الآيات } أي: هكذا نبيِّنها.