الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }

قوله تعالى: { اتبعوا ما أُنزل إليكم من ربكم } إن قيل: كيف خاطبه بالإفراد في الآية الأولى، ثم جمع بقوله: «اتبعوا»؟ فعنه ثلاثة أجوبة.

أحدها: أنه لما علم أن الخطاب له ولأمته، حسن الجمع لذلك المعنى.

والثاني: أن الخطاب الأول خاص له؛ والثاني محمول على الإِنذار، والإِنذار في طريق القول، فكأنه قال: لتقول لهم منذراً: { اتبعوا ما أُنزل إليكم من ربكم } ، ذكرهما ابن الانباري.

والثالث: أن الخطاب الثاني للمشركين، ذكره جماعة من المفسرين؛ قال: والذي أنزل إليهم القرآن. وقال الزجاج: الذي أُنزل: القرآن وما أتى عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مما أنزل عليه، لقوله تعالى:وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا } [الحشر: 7] { ولا تتبعوا من دونه أولياء } أي: لا تتولوا مَنْ عدل عن دين الحق؛ وكلُّ من ارتضى مذهباً فهو ولي أهل المذهب. وقوله تعالى: { قليلاً ما تذكرون } ما: زائدة مؤكِّدة؛ والمعنى: قليلاً تتذكرون. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم { تذّكّرون } مشددة الذال والكاف. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم { تذكّرون } خفيفة الذال مشددة الكاف. قال أبو علي: من قرأ { تذَّكرون } بالتشديد، أراد { تتذكرون } فأدغم التاء في الذال، وإدغامها فيها حسن، لأن التاء مهموسة، والذال مجهورة؛ والمجهور أزيد صوتاً من المهموس وأقوى؛ فادغام الأنقص في الأزيد حسن. وأما حمزة ومن وافقه، فانهم حذفوا التاء التي أدغمها هؤلاء، وذلك حسن لاجتماع ثلاثة أحرف متقاربة. وقرأ ابن عامر: «يتذكرون» بياء وتاء، على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم؛ والمعنى: قليلاً ما يتذكر هؤلاء الذين ذكروا بهذا الخطاب.