الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ }

قوله تعالى: { واذكر ربك في نفسك } في هذا الذكر أربعة أقوال.

أحدها: أنه القراءة في الصلاة، قاله ابن عباس؛ فعلى هذا، أُمر أن يقرأ في نفسه في صلاة الإسرار.

والثاني: أنه القراءة خلف الإمام سراً في نفسه، قاله قتادة.

والثالث: أنه ذِكْرُ الله باللسان.

والرابع: أنه ذِكر الله باستدامة الفكر، لا يغفل عن الله تعالى، ذكر القولين الماوردي. وفي المخاطب بهذا الذِكر قولان.

أحدهما: أنه المستمع للقرآن، إما في الصلاة، وإما من الخطيب، قاله ابن زيد.

والثاني: أنه خطاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه عام في جميع المكلفين.

قوله تعالى: { تضرعاً وخيفة } التضرع: الخشوع في تواضع، والخيفة: الحذر من عقابه.

قوله تعالى: { ودون الجهر من القول } الجهر: الإِعلان بالشيء، ورجل جهير الصوت: إذا كان صوته عالياً. وفي هذا نص على أنه الذِّكر باللسان ويحتمل وجهين.

أحدهما: قراءة القرآن. والثاني: الدعاء. وكلاهما مندوب إلى إخفائه، إلا أن صلاة الجهر قد بُيِّن أدبها في قوله:ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } [الاسراء: 110] فأما الغدوُّ فهو جمع غُدوة؛ والآصال: جمع أُصُل، والأُصُل: جمع أصيل؛ فالآصال: جمع الجمع، والآصال: العشيات. وقال أبو عبيدة: هي ما بين العصر إلى المغرب؛ وأنشد:
لَعَمْري لأَنْتَ البيتُ أُكْرِمُ أهلَه   وأقْعُدُ في أفيائه بالأصَائِل
وروي عن ابن عباس أنه قال: يعني بالغدوّ: صلاةَ الفجر، والآصال: صلاة العصر.