قوله تعالى: { يسألونك عن الساعة } في سبب نزولها قولان. أحدهما: أن قوماً من اليهود قالوا: يا محمد، أخبرنا متى الساعة؟ فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس. والثاني: أن قريشاً قالت: يا محمد، بيننا وبينك قرابة، فبيِّن لنا متى الساعة؟ فنزلت هذه الآية، قاله قتادة. وقال عروة: الذي سأله عن الساعة عتبة بن ربيعة. والمراد بالساعة هاهنا: التي يموت فيها الخلق. قوله تعالى: { أيان مرساها } قال أبو عبيدة: أي: متى مُرساها؟ أي: منتهاها. ومرسا السفينة: حيث تنتهي. وقال ابن قتيبة: { أيّان }: بمعنى: متى؛ و«متى» بمعنى: أيّ حين، ونرى أن أصلها أيّ أوانٍ، فحذفت الهمزة [والواو]، وجعل الحرفان واحداً، ومعنى الآية: متى ثبوتها؟ يقال: رسا في الأرض، أي: ثبت، ومنه قيل للجبال: رواسي. قال الزجاج: ومعنى الكلام: متى وقوعها؟. قوله تعالى: { قل إنما علمها عند ربي } أي: قد استأثر بعلمها { لا يُجَلِّيها } أي: لا يظهرها في وقتها { إلا هو }. قوله تعالى: { ثقلت في السموات والأرض } فيه أربعة أقوال. أحدها: ثَقُل وقوعها على أهل السموات والأرض، قاله ابن عباس، ووجهه أن الكلَّ يخافونها، محسنهم ومسيئهم. والثاني: عظُم شأنها في السموات والأرض، قاله عكرمة، ومجاهد، وابن جريج. والثالث: خفي أمرها، فلم يُعلم متى كونها، قاله السدي. والرابع: أن «في» بمعنى «على» فالمعنى: ثقلت على السموات والأرض، قاله قتادة. قوله تعالى: { لا تأتيكم إلا بغتة } أي: فجأة. قوله تعالى: { كأنك حَفِيٌّ عنها } فيه أربعة أقوال. أحدها: أنه من المقدَّم والمؤخَّر، فتقديره: يسألونك عنها كأنك حفي، أي: بَرٌّ بهم، كقوله:{ إنه كان بي حفياً } [مريم: 47]. قال العوفي عن ابن عباس، وأسباط عن السدي: كأنك صديق لهم. والثاني: كأنك حفي بسؤالهم، مجيب لهم. قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: كأنك يعجبك سؤالهم. وقال خصيف عن مجاهد: كأنك تحبُّ أن يسألوك عنها. وقال الزجاج: كأنك فَرِح بسؤالهم. والثالث: كأنك عالم بها، قاله الضحاك عن ابن عباس، وهو قول ابن زيد، والفراء. والرابع: كأنك استحفيت السؤال عنها حتى علمتها، قاله ابن ابي نجيح عن مجاهد. وقال عكرمة: كأنك سؤول عنها. وقال ابن قتيبة: كأنك معنيٌّ بطلب علمها. وقال ابن الانباري: فيه تقديم وتأخير، تقديره: يسألونك عنها كأنك حفيٌّ بها، والحفيُّ في كلام العرب: المعنيُّ. قوله تعالى: { قل إنما علمها عند الله } أي: لا يعلمها إلا هو { ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون } قال مقاتل في آخرين: المراد بالناس هاهنا: أهل مكة. وفي قوله: { لا يعلمون } قولان. أحدهما: لا يعلمون أنها كائنة، قاله مقاتل. والثاني: لا يعلمون أن هذا مما استأثر الله بعلمه، قاله أبو سليمان الدمشقي.