قوله تعالى: { وكتبنا له في الألواح من كل شيء } في ماهية الألواح سبعة أقوال. أحدها: أنها زبرجد، قاله ابن عباس. والثاني: ياقوت، قاله سعيد بن جبير. والثالث: زمرُّد أخضر، قاله مجاهد. والرابع: بَرَد، قاله أبو العالية. والخامس: خشب، قاله الحسن. والسادس: صخر، قاله وهب بن منبه. والسابع: زمرد وياقوت، قاله مقاتل. وفي عددها أربعة أقوال. أحدها: سبعة، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: لوحان، قاله أبو صالح عن ابن عباس، واختاره الفراء. قال: وإنما سماها الله تعالى ألواحاً، على مذهب العرب في إيقاع الجمع على التثنية، كقوله:{ وكنا لحكمهم شاهدين } [الأنبياء: 78] يريد: داود وسليمان، وقوله:{ فقد صغت قلوبُكما } [التحريم: 4]. والثالث: عشرة، قاله وهب. والرابع: تسعة، قاله مقاتل. وفي قوله: { من كل شيء } قولان. أحدهما: من كل شيء يحتاج إليه في دينه من الحلال والحرام والواجب وغيره. والثاني: من الحِكَم والعِبَر. قوله تعالى: { موعظة } أي: نهياً عن الجهل. { وتفصيلاً } أي: تبييناً لكل شيء من الأمر والنهي والحدود والأحكام. قوله تعالى: { فخذها بقوة } فيه ثلاثة أقوال. أحدها: بجدٍّ وحزم، قاله ابن عباس. والثاني: بطاعة، قاله أبو العالية. والثالث: بشكر، قاله جويبر. قوله تعالى: { وأمْر قومك يأخذوا بأحسنها } إن قيل: كأن فيها ما ليس بحسن؟ فعنه جوابان. أحدهما: أن المعنى: يأخذوا بحسنها، وكلها حَسَن، قاله قطرب. وقال ابن الأنباري: ناب «أحسن» عن «حسن» كما قال الفرزدق:
إِنَّ الذي سَمَكَ السَّمَاءَ بنى لَنَا
بَيْتاً دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وأَطْوَلُ
أي: عزيزة طويلة. وقال غيره: «الأحسن» هاهنا صلة، والمعنى: يأخذوا بها. والثاني: أن بعض ما فيها أحسن من بعض. ثم في ذلك خمسة أقوال. أحدها: أنهم أُمروا فيها بالخير ونُهوا عن الشر، فَفِعْلُ الخير هو الأحسن. والثاني: أنها اشتملت على أشياء حسنة بعضها أحسن من بعض، كالقصاص والعفو والانتصار والصبر، فأُمِروا أن يأخذوا بالأحسن، ذكر القولين الزجاج. فعلى هذا القول، يكون المعنى: انهم يتبعون العزائم والفضائل، وعلى الذي قبله، يكون المعنى: أنهم يتبعون الموصوف بالحسن وهو الطاعة، ويجتنبون الموصوف بالقبح وهو المعصية. والثالث: أحسنها: الفرائض والنوافل، وأدونها في الحسن: المباح. والرابع: أن يكون للكلمة معنيان أو ثلاثة، فتصرف إلى الاشبه بالحق. والخامس: أن أحسنها: الجمع بين الفرائض والنوافل. قوله تعالى: { سأُرِيكم دار الفاسقين } فيها أربعة أقوال. أحدها: أنها جهنم، قاله الحسن، ومجاهد. والثاني: انها دار فرعون وقومه، وهي مصر، قاله عطية العوفي. والثالث: أنها منازل من هلك من الجبابرة والعمالقة، يريهم إياها عند دخولهم الشام، قاله قتادة. والرابع: أنها مصارع الفاسقين، قاله السدي. ومعنى الكلام: سأُرِيكم عاقبة من خالف أمري، وهذا تهديد للمخالف، وتحذير للموافق.