الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } * { فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } * { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }

قوله تعالى: { ولما وقع عليهم الرجز } أي: نزل بهم العذاب. وفي هذا العذاب قولان.

أحدهما: أنه طاعون أهلك منهم سبعين ألفاً، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير.

والثاني: أنه العذاب الذي سلَّطه الله عليهم من الجراد والقُمَّل وغير ذلك، قاله ابن زيد. قال الزجاج: «الرجز»: العذاب، أو العمل الذي يؤدي إلى العذاب. ومعنى الرجز في العذاب: أنه المقلقل لشدته قلقلة شديدة متتابعة. وأصل الرجز في اللغة: تتابع الحركات، فمن ذلك قولهم: ناقة رجزاء، إذا كانت ترتعد قوائمها عند قيامها. ومنه رجز الشعر، لأنه أقصر أبيات الشعر، والانتقالُ من بيت إلى بيت، سريعٌ، نحو قوله:
يَا لَيْتَنِي فِيْهَا جَذَعْ   أَخُبُّ فيها وَأضَعْ
وزعم الخليل أن الرَّجَز ليس بشعر، وإنما هو أنصاف أبيات وأثلاث.

قوله تعالى: { بما عهد عندك } فيه أربعة أقوال.

أحدها: أن معناه: بما أوصاك أن تدعوه به. والثاني: بما تقدم به إليك أن تدعوه فيجيبك. والثالث: بما عهد عندك في كشف العذاب عمن آمن. والرابع: أن ذلك منهم على معنى القسم، كأنهم أقسموا عليه بما عهد عنده أن يدعو لهم.

قوله تعالى: { إلى أجل هم بالغوه } أي: إلى وقت غرقهم. { إذا هم ينكثون } أي: ينقضون العهد.

قوله تعالى: { فانتقمنا منهم } قال أبو سليمان الدمشقي: انتصرنا منهم باحلال نقمتنا بهم، وتلك النقمة تغريقنا إياهم في اليم. قال ابن قتيبة: اليم: البحر بالسريانية.

قوله تعالى: { وكانوا عنها غافلين } فيه قولان.

أحدهما: عن الآيات، وغفلتهم: تركهم الاعتبار بها. والثاني: عن النقمة.