الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } * { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } * { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } * { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } * { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

قوله تعالى: { ولو تَقَوَّلَ علينا } أي: لو تكلَّف محمد أن يقول علينا ما لم نقله { لأخذنا منه باليمين } أي: لأخذناه بالقوة والقدرة، قاله الفراء، والمبرد، والزجاج. قال ابن قتيبة: إنما أقام اليمين مقام القوة، لأن قوة كل شيء في ميامنه.

قوله تعالى: { ثم لقطعنا منه الوتين } وهو عرق يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب، فإذا انقطع بطلت القوى: ومات صاحبه. قال أبو عبيدة: الوتين: نياط القلب، وأنشد الشَّمَّاخ:
إِذَا بَلَّغْتِنِي وَحَمَلْتِ رَحْلِي   عَرَابَةَ فَاشْرَقِي بِدَمِ الوَتينِ
وقال الزجاج: الوتين: عرق أبيض غليظ كأنه قصبة.

قوله تعالى: { فما منكم من أحد عنه حاجزين } أي: ليس منكم أحد يحجزنا عنه، وإنما قال تعالى: { حاجزين } لأن أحداً يقع على الجمع، كقوله تعالى:لا نُفَرِّق بين أحد من رسله } [البقرة: 285]، هذا قول الفراء، وأبي عبيدة، والزجاج. ومعنى الكلام: أنه لا يتكلَّف الكذب لأجلكم مع علمه أنه لو تكلَّف ذلك لعاقبناه، ثم لم يقدر على دفع عقوبتنا عنه { وإنه } يعني: القرآن { لحسرة على الكافرين } في يوم القيامة. يندمون إذ لم يؤمنوا به { وإِنه لحق اليقين } إضافة إلى نفسه لاختلاف اللفظين، كقوله تعالى:ولدار الآخرة } [يوسف: 109]. وقال الزجاج: المعنى: وإنه لليقين حق اليقين، وقد شرحنا هذا المعنى، وما بعده في [الواقعة: 95، 96].