الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } * { وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } * { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } * { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } * { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } * { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ } * { وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ } * { يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ } * { مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ } * { هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } * { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ } * { ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ } * { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ } * { إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } * { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ } * { وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } * { لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ }

قوله تعالى: { فإذا نفخ في الصور نفخةٌ واحدةٌ } وفيها قولان.

أحدهما: أنها النفخة الأولى، قاله عطاء.

والثاني: الأخيرة، قاله ابن السائب، ومقاتل. { وحُمِلَت الأرضُ والجبالُ } أي: حملت الأرض والجبال وما فيها { فَدُكَّتا دكةً واحدةً } أي: كسرتا، ودقَّتا دقَّةً واحدة، لا يثنى عليها حتى تستوي بما عليها من شيءٍ، فتصير كالأديم الممدود. وقد أشرنا إلى هذا المعنى في (الأعراف) عند قوله تعالى:جعله دكاً } [آية:143]. قال الفراء: وإنما قال: فدكتا، ولم يَقُل فَدُكِكْنَ، لأنه جعل الجبال كالشيء الواحد، كقوله تعالى:أن السموات والأرض كانتا رتقاً } [الأنبياء:30]، وانشدوا:
هُمَا سَيِّدَانَا يَزْعُمانِ وَإنَّما   يَسُودَانِنَا أَنْ يَسَّرَتْ غَنَماهُما
والعرب تقول: قد يسرت الغنم: إذا ولدت، أو تهيأت للولادة.

قوله تعالى: { فيومئذ وقعت الواقعة } أي: قامت القيامة { وانشقت السماء } لنزول من فيها من الملائكة { فهي يومئذ واهية } فيه قولان.

أحدهما: أن وَهْيَها: ضَعْفُها وتمزُّقْها من الخوف، قاله مقاتل.

والثاني: أنه تشققها، قاله الفراء { والملك } يعني: الملائكة، فهو اسم جنس { على أرجائها } أي: على جوانبها. قال الزجاج: ورجاء كل شيء: ناحيته، مقصور. والتثنية: رجوان، والجمع: أرجاء. وأكثر المفسرين على أن المشار إليها السماء. قال الضحاك: إذ انشقت السماء كانت الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الله تعالى، فينزلون إلى الأرض، فيحيطون بها، ومن عليها. وروي عن سعيد بن جبير أنه قال: على أرجاء الدنيا.

قوله تعالى: { ويحمل عرش ربك فوقهم } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: فوق رؤوسهم، أي: العرش على رؤوس الحَمَلة، قاله مقاتل.

والثاني: فوق الذين على أرجائها، أي: أن حملة العرش فوق الملائكة الذين هم على أرجائها.

والثالث: أنهم فوق أهل القيامة، حكاهما الماوردي { يومئذ } أي: يوم القيامة { ثمانية } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: ثمانية أملاك. وجاء في الحديث أنهم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أمدهم الله بأربعة أملاك آخرين، هذا قول الجمهور.

والثاني: ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله عز وجل، قاله ابن عباس، وابن جبير، وعكرمة.

والثالث: ثمانية أجزاء من الكروبيين لا يعلم عددهم إِلا الله، قاله مقاتل. وقد روى أبو داود في «سننه» من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أُذِنَ لي أن أُحَدِّثَ عن مَلَك من ملائكة الله من حملة العرش، أن ما بين شحمة أُذُنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ". قوله تعالى: { يومئذ تُعْرَضُون } على الله لحسابكم { لا تخفى } عليه. قرأ حمزة، والكسائي: «لا يخفى» بالياء. وقرأ الباقون بالتاء. والمعنى: لا يخفى عليه { منكم خافية } أي: نفس خافية، أو فَعْلَة خافية. وفي حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال، ومعاذير، وأما الثالثة، فعندها تتطاير الصحف في الأيدي، فآخذ بيمينه، وآخذ بشماله، وكان عمر بن الخطاب يقول: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزيَّنوا للعرض الأكبر، يومئذ لا تخفى منكم خافية.

السابقالتالي
2 3