قوله تعالى: { هو الذي بعث في الأميين } يعني: العرب، وكانوا لا يكتبون وقد شرحنا هذا المعنى في [البقرة:78] { رسولاً } يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم { منهم } أي: من جنسهم ونسبهم. فإن قيل: فما وجه الامتنان في أنه بعث نبياً أمياً؟ فعنه ثلاثة أجوبة. أحدها: لموافقة ما تقدَّمت البشارة [به في كتب] الأنبياء. والثاني: لمشاكلة حاله لأحوالهم، فيكون أقرب لموافقتهم. والثالث: لئلا يظن به أنه يعلم كتب من قبله. وما بعد هذا في سورة [البقرة:129]. إلى قوله تعالى: { وإن كانوا من قَبْلُ } ، أي: وما كانوا قبل بعثته إلا في { ضلال مبين } بَيِّن، وهو الشرك. قوله تعالى: { وآخرين منهم } فيه قولان: أحدهما: وبعث محمداً في آخرين منهم، أي: من الأميين. والثاني: ويعلم آخرين منهم، ويزكِّيهم. وفي المراد بالآخرين أربعة أقوال: أحدها: أنهم العجم، قاله ابن عمر، وسعيد بن جبير، وهي رواية ليث عن مجاهد. فعلى هذا إِنما قال: «منهم»، لأنهم إِذا أسلموا صاروا منهم، إذ المسلمون يد واحدة، وملَّةٌ واحدة. والثاني: أنهم التابعون، قاله عكرمة، ومقاتل. والثالث: جميع من دخل في الإسلام إِلى يوم القيامة، قاله ابن زيد، وهي رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد. والرابع: أنهم الأطفال، حكاه الماوردي. قوله تعالى: { لما يلحقوا بهم } أي: لم يلحقوا بهم. قوله تعالى: { ذلك فضل الله } يعني: الإسلام والهدى { والله ذو الفضل العظيم } بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم.