الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ فِي ٱلأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى ٱئْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَأَنْ أَقِيمُواْ ٱلصَّلاةَ وَٱتَّقُوهُ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

قوله تعالى: { قل أندعوا من دون الله } أي: أنعبد مالا يضرنا إن لم نعبده، ولا ينفعنا إن عبدناه، وهي الأصنام. { ونُردُّ على أعقابنا } أي: نرجع إلى الكفر { بعد إذ هدانا الله } إلى الإسلام، فنكون { كالذي استهوته الشياطين }. وقرأ حمزة: «استهواه الشياطين» على قياس قراءته: { توفاه رُسْلُنا } وفي معنى «استهوائها» قولان.

أحدهما: أنها هوت به وذهبت، قاله ابن قتيبة. وقال أبو عبيدة: تُشبَّه له الشياطين فيتبعها، حتى تهوي به في الأرض، فتضلّه.

والثاني: زيَّنت له هواه، قاله الزجاج. قال و { حيران }: منصوب على الحال، أي: استهوته في حال حيرته. قال السدي: قال المشركون للمسلمين: اتَّبِعوا سبيلنا واتركوا دين محمد، فقال تعالى: { قل أندعوا من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا ونردُّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله } فنكون كرجل كان مع قوم على طريق، فضلّ، فحيرته الشياطين، وأصحابه على الطريق يدعونه: يا فلان هلم إلينا، فانا على الطريق، فيأبى. وقال ابن عباس: نزلت هذه الآية في عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق، دعاه أبوه وأُمه إلى الإسلام فأبى. قال مقاتل: والمراد بأصحابه: أبواه.

قوله تعالى: { قل إن هدى الله هو الهدى } هذا رد على من دعا إلى عبادة الأصنام، وزجرٌ عن إجابته كأنه قيل له: لا تفعل ذلك، لأن هدى الله هو الهدى، لا هدى غيره.

قوله تعالى: { وأُمرنا لنسلم } قال الزجاج: العرب تقول: أمرتك أن تفعل، وأمرتك لتفعل، وأمرتك بأن تفعل. فمن قال: «بأن» فالباء للالصاق. والمعنى: وقع الأمر بهذا الفعل، ومن قال: «أن تفعل» فعلى خذف الباء؛ ومن قال: «لتفعل» فقد أخبر بالعلة التي لها وقع الامر. قال وفي قوله: { وأن أقيموا الصلاة } وجهان.

أحدهما: أُمرنا لأن نسلم، ولأن نقيم الصلاة.

والثاني: أن يكون محمولاً على المعنى، لأن المعنى: أُمرنا بالإسلام، وباقامة الصلاة.