قوله تعالى: { إن الذين فرَّقوا دينهم } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: «فرّقوا» مشددة. وقرأ حمزة، والكسائي: «فارقوا» بألف. وكذلك قرؤوا في [الروم: 32] فمن قرأ «فرّقوا» أراد: آمنوا ببعض، وكفروا ببعض. ومن قرأ: «فارقوا» أراد: باينوا. وفي المشار إليهم أربعة أقوال. أحدها: أنهم أهل الضلالة من هذه الأمة، قاله أبو هريرة. والثاني: أنهم اليهود والنصارى، قاله ابن عباس، والضحاك، وقتادة، والسدي. والثالث: اليهود، قاله مجاهد. والرابع: جميع المشركين، قاله الحسن. فعلى هذا القول، دينهم: الكفر الذي يعتقدونه ديناً، وعلى ما قبله، دينهم: الذي أمرهم الله به. والشِّيَع: الفرق والأحزاب. قال الزجاج: ومعنى «شيّعتُ» في اللغة: اتبعت. والعرب تقول: شاعكم السلام، وأشاعكم، أي: تبعكم. قال الشاعر:
ألا يا نَخْلَةً مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ
بَرُوْدِ الظِّلِّ شَاعَكُم السَّلاَمُ
وتقول: أتيتك غداً، أو شِيَعة، أي: أو اليوم الذي يتبعه. فمعنى الشيعة: الذين يتبع بعضهم بعضاً، وليس كلهم متفقين. وفي قوله تعالى: { لست منهم في شيء } قولان. أحدهما: لست من قتالهم في شيء، ثم نسخ بآية السيف، وهذا مذهب السدي. والثاني: لست منهم، أي: أنت بريء منهم، وهم منك بُرَءاء، إنما أمرهم إلى الله في جزائهم، فتكون الآية محكمة.