قوله تعالى: { وقالوا هذه أنعام وحرث حجر } الحرث: الزرع، والحجر: الحرام. والمعنى: أنهم حرَّموا أنعاماً وحرثاً جعلوه لأصنامهم. قال ابن قتيبة: وإنما قيل للحرام: حجر، لأنه حُجر على الناس أن يصيبوه. وقرأ الحسن، وقتادة: «حُجْر» بضم الحاء. قال الفراء: يقال: حِجْر، وحُجْر، بكسر الحاء وضمها؛ وهي في قراءة ابن مسعود: «حرج»، مثل: «جذب» و«جبذ». وفي هذ الأنعام التي جعلوها للأصنام قولان. أحدهما: أنها البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام. والثاني: أنها الذبائح التي للأوثان؛ وقد سبق ذكرهما. قوله تعالى: { لا يطعمها إلا من نشاء } هو كقولك: لا يذوقها إلا من نريد. وفيمن أطلقوا له تناولها قولان. أحدهما: أنهم منعوا منها النساء، وجعلوها للرجال، قاله ابن السائب. والثاني: عكسه، قاله ابن زيد. قال الزجاج: أعلم الله تعالى أن هذا التحريم زعم منهم، لا حجة فيه ولا برهان. وفي قوله: { وأنعام حُرِّمت ظهورها } ثلاثة أقوال. أحدها: أنها الحام، قاله ابن عباس. والثاني: البحيرة، كانوا لا يحجُّون عليها، قاله أبو وائل. والثالث: البحيرة، والسائبة، والحام، قاله السدي. قوله تعالى: { وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها } هي قربان آلهتهم، يذكرون عليها اسم الأوثان خاصة. وقال أبو وائل: هي التي كانوا لا يحجُّون عليها، وقد ذكرنا هذا عنه في قوله: { حرِّمت ظهورها } ، فعلى قوله: الصفتان لموصوف واحد. وقال مجاهد: كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها في شيء؛ لا إن رُكِبوا، ولا إن حملوا، ولا إن حلبوا، ولا إن نُتِجوا. وفي قوله: { افتراءً على الله } قولان. أحدهما: أن ذكر أسماء أوثانهم، وترك ذكر الله هو الافتراء. والثاني: أن إضافتهم ذلك إلى الله تعالى هو الافتراء، لأنهم كانوا يقولون: هو حرم ذلك.