الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ }

قوله تعالى: { وإذا جاءتهم آية } سبب نزولها: أن أبا جهل قال: زاحمتنا بنو عبد مناف في الشرف، حتى إذا صرنا كَفَرَسَيْ رِهَان، قالوا: منَّا نبيٌ يوحى إليه، والله لا نؤمن به ولا نَتَّبعِهُ أو أن يأتيَنَا وحي كما يأتيه، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. قال الزجاج: الهاء والميم تعود على الأكابر الذين جرى ذكرهم. وقال أبو سليمان: تعود على المجادلين في تحريم الميتة. قال مقاتل: والآية: انشقاق القمر، والدخان. قال ابن عباس: في قوله: { مثل ما أُوتِيَ رسلُ الله } قال: حتى يوحى إلينا، ويأتينا جبريل، فيخبرنا أن محمداً صادق. قال الضحاك: سأل كل واحد منهم أن يختص بالرسالة والوحي.

قوله تعالى: { الله أعلم حيث يجعل رسالاته } وقرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم: «رسالتَه» بنصب التاء على التوحيد؛ والمعنى: أنهم ليسوا لها بأهل، وذلك أن الوليد بن المغيرة قال: والله لو كانت النبوة حقاً لكنتُ أولى بها منك، لأني أكبرُ منك سناً، وأكثرُ منك مالاً، فنزل قوله تعالى: { الله أعلم حيث يجعل رسالاته } وقال أهل المعاني: الأبلغ في تصديق الرسل أن لا يكونوا قبل مبعثهم مطاعين في قومهم، لأن الطعن كان يتوجه عليهم، فيقال: إنما كانوا رؤساء فاتُّبِعوا، فكان الله أعلم حيث جعل الرسالة ليتيم أبي طالب، دون أبي جهل، والوليد، وأكابر مكة.

قوله تعالى: { سيصيب الذين أجرموا صَغَارٌ } قال أبو عبيدة: الصَّغَار: أشد الذل. وقال الزجاج: المعنى: هم، وإن كانوا أكابر في الدنيا، فسيصبهم صغار عند الله، أي: صغار ثابت لهم عند الله. وجائز أن يكون المعنى: سيصيبهم عند الله صغار. وقال الفراء: معناه: صغار من عند الله، فحذفت «مِنْ». وقال ابو رَوقْ: صغار في الدنيا، وعذاب شديد في الآخرة.