الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } * { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ }

قوله تعالى: { نحن خَلَقْناكم } أي: أوجدناكم ولم تكونوا شيئاً، وأنتم تُقِرُّونَ بهذا { فلولا } أي: فهلاّ { تصدِّقونَ } بالبعث؟!

ثم احتجَّ على بعثهم بالقدرة على ابتدائهم فقال: { أفرأيتم ما تُمْنونَ } قال الزجاج: أي: ما يكون منكم من المَنِيِّ، يقال: أمنى الرجل يُمْني، ومَنى يَمني، فيجوز على هذا «تَمْنونَ» بفتح التاء إن ثبتت به رواية.

قوله تعالى: { أأنتم تَخْلُقونه أَمْ نحن الخالقون } أي: تخلُقون ما تُمنون بَشَراً؟! وفيه تنبيه على شيئين.

أحدهما: الامتنان، إذا خلق من الماء المَهين بَشَراً سوياً.

والثاني: أن من قَدَر على خَلْق ما شاهدتموه من أصل وجودكم كان أقدَرَ على خَلْق ما غاب عنكم من إعادتكم.

قوله تعالى: { نحن قَدّرْنا بينَكم المَوْتَ } وقرأ ابن كثير: «قَدَرْنا» بتخفيف الدال. وفي معنى الكلام قولان.

أحدهما: قضينا عليكم بالموت.

والثاني: سوّينا بينكم في الموت { وما نحن بمسبوقين، على أن نبدِّل أمثالكم } قال الزجاج: المعنى: إن أردنا أن نخلُق خَلْقاً غيركم لم يسبقنا سابق، ولا يفوتنا ذلك. وقال ابن قتيبة: لسنا مغلوبين على أن نَستبدل بكم أمثالكم.

قوله تعالى: { ونُنْشِئكم في ما لا تعلمون } وفيه أربعة أقوال.

أحدها: نبدِّل صفاتكم ونجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بمن كان قبلكم، قاله الحسن.

والثاني: ننشئكم في حواصل طير سود تكون بـ «برهوت» كأنها الخطاطيف، قاله سعيد بن المسيب.

والثالث: نخلقكم في أيّ خَلْق شئنا، قاله مجاهد.

والرابع: نخلقكم في سوى خلقكم، قاله السدي. قال مقاتل: نخلقكم سوى خلقكم في مالا تعلمون من الصور.

قوله تعالى: { ولقد عَلِمْتم النَّشْأة الأُولى } وهي ابتداء خَلقكم من نُطفة وعَلَقة { فلولا تَذَكَّرونَ } أي: فهلاّ تَعتبِرون فتعلموا قُدرة الله فتُقِرُّوا بالبعث.