الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } * { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } * { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } * { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } * { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } * { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } * { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ }

وقد شرحنا معنى قوله: { وأصحابُ اليمين } في قوله:فأصحاب الميمنة } [الواقعة: 9] وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: أصحاب اليمين: أطفال المؤمنين.

قوله تعالى: { في سِدْرٍ مخضود } سبب نزولها أن المسلمين نظروا إلى وَجٍّ، وهو وادٍ بالطائف مخصبٌ. فأعجبهم سِدْرُه، فقالوا: يا ليت لنا مثل هذا؟ فنزلت هذه الآية، قاله أبو العالية، والضحاك.

وفي المخضود ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه الذي لا شَوْكَ فيه، رواه أبو طلحة عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وقسامة بن زهير. قال ابن قتيبة: كأنه خُضِدَ شوكُه، أي: قلع، ومنه " قول النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة: «لا يُخْضَدُ شوكُها» ". والثاني: أنه المُوقَر حملاً، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك.

والثالث: أنه المُوقَر الذي لا شوك فيه، ذكره قتادة.

وفي الطَّلْح قولان.

أحدهما: أنه الموز، قاله عليّ، وابن عباس، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، والحسن، وعطاء، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة.

والثاني: أنه شجر عظام كبار الشوك، قال أبو عبيدة: هذا هو الطَّلْح عند العرب، قال الحادي:
بَشَّرَها دليلُها وقالا   غَداً تَرَيْنَ الطَّلْحَ والجِبالا
فإن قيل: ما الفائدة في الطَّلْح؟

فالجواب أن له نَوْراً وريحاً طيِّبة، فقد وعدهم ما يعرفون ويميلون إليه، وإن لم يقع التساوي بينه وبين ما في الدنيا. وقال مجاهد: كانوا يُعْجَبون بـ «وَجٍّ» وظِلاله من طلحه وسدره. فأمّا المنضود، فقال ابن قتيبة: هو الذي قد نُضِدَ بالحَمْل أو بالورق والحَمْل من أوَّله إلى آخره، فليس له ساق بارزة، وقال مسروق: شجر الجنة نضيد من أسفلها إلى أعلاها.

قوله تعالى: { وظلٍّ ممدودٍ } أي: دائم لا تنسخه الشمس.

{ وماءٍ مسكوبٍ } أي: جارٍ غير منقطع.

قوله تعالى: { لا مقطوعةٍ ولا ممنوعةٍ } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: لا مقطوعة في حين دون حين، ولا ممنوعة بالحيطان والنواطير، إنما هي مُطْلَقة لمن أرادها، هذا قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة. ولخصه بعضهم فقال: لا مقطوعة بالأزمان، ولا ممنوعة بالأثمان.

والثاني: لا تنقطع إذا جُنِيَتْ، ولا تُمْنع من أحد إِذا أريدت، روي عن ابن عباس.

والثالث: لا مقطوعة بالفَناء، ولا ممنوعة بالفساد، ذكره الماوردي.

قوله تعالى: { وفُرُشٍ مرفوعةٍ } فيها قولان.

أحدهما: أنها الحشايا المفروشة للجلوس والنوم. وفي رفعها قولان.

أحدهما: أنها مرفوعة فوق السُّرر.

والثاني: أن رفعها: زيادة حشوها ليطيب الاستمتاع بها.

والثاني: أن المراد بالفِراش: النساء؛ والعرب تسمِّي المرأة: فِراشاً وإزاراً ولباساً؛ وفي معنى رفعهن ثلاثة أقوال. أحدها: أنهن رُفِعْن بالجمال على نساء أهل الدنيا، والثاني: رُفِعْن عن الأدناس. والثالث: في القلوب لشِدَّة الميل إليهن.

قوله تعالى: { إنَّا أنشأناهُنَّ إنشاءً } يعني النساء. قال ابن قتيبة: اكتفى بذِكْر الفُرُش لأنها محل النساء عن ذكرهن.

السابقالتالي
2