الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرَّحْمَـٰنُ } * { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } * { عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ } * { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } * { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } * { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } * { أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } * { وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } * { فِيهَا فَاكِهَةٌ وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلأَكْمَامِ } * { وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ وَٱلرَّيْحَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

قوله تعالى: { الرَّحْمنُ. علَّم القُرآنَ } قال مقاتل: لمّا نزل قوله:اسْجُدوا للرَّحْمنِ } [الفرقان:60] قال كُفّار مكَّةَ: وما الرَّحْمنُ؟! فأَنكروه وقالوا: لا نَعرِفُ الرحْمنَ، فقال تعالى: { الرَّحْمنُ } الذي أَنكروه هو الذي «علَّم القُرآنَ».

وفي قوله: { علَّم القُرآنَ } قولان.

أحدهما: علَّمه محمداً، وعلَّم محمدٌ أُمَّته قاله ابن السائب.

والثاني: يسَّر القرآنَ، قاله الزجّاج.

قوله تعالى: { خَلَقَ الإِنسانَ } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه اسم جنس، فالمعنى: خلق الناسَ جميعاً، قاله الأكثرون. فعلى هذا، في «البيان» ستة أقوال.

أحدها: النُّطق والتَّمييز، قاله الحسن. والثاني: الحلال والحرام، قاله قتادة. والثالث: ما يقول وما يُقال له، قاله محمد بن كعب. والرابع: الخير والشر، قاله الضحاك. والخامس: [طُرق] الهُدى، قاله ابن جريج. والسادس: الكتابة والخط، قاله يمان.

والثاني: أنه آدم، قاله ابن عباس، وقتادة. فعلى هذا في «البيان» ثلاثة أقوال. أحدها: أسماء كل شيء. والثاني: بيان كل شيء. والثالث: اللّغات.

والقول الثالث: أنه محمد صلى الله عليه وسلم، علَّمه بيانَ ما كان وما يكون، قاله ابن كيسان.

قوله تعالى: { الشَّمْسُ والقمرُ بحُسْبانٍ } أي بحساب ومنازل، لا يَعْدُوانها؛ وقد كشَفْنا هذا المعنى في [الأنعام:96]. قال الأخفش: أضمر الخبر، وأظُنُّه ـ والله أعلَمُ ـ أراد: يَجريان بحُسبان.

قوله تعالى: { والنَّجْمُ والشّجَرُ يَسْجُدانِ } في النَّجْم قولان. أحدهما: أنه كُلُّ نَبْتٍ ليس له ساق، وهو مذهب ابن عباس، والسدي، ومقاتل، واللُّغويين. والثاني: أنه نَجْم السَّماء، والمُراد به: جميعُ النُّجوم، قاله مجاهد. فأمّا الشَّجَرَ: فكُلُّ ما له ساق. قال الفراء: سُجودهما: أنَّهما يستقبِلان الشمسَ إذا أشرقت، ثم يَميلان معها حتى ينكسر الفَيْىءُ. وقد أشرت في [النحل:49] إلى معنى سُجود مالا يَعْقِل. قال أبو عبيدة: وإنّما ثني فعلهما على لفظهما.

قوله تعالى: { والسماءَ رفَعَها } وإنما فعل ذلك ليحيا الحيوان وتمتدَّ الأنفاس، وأجرى الرِّيح بينها وبين الأرض، كيما يتروحَ الخَلق. ولولا ذلك لماتت الخلائق كَرْباً.

قوله تعالى: { ووَضَعَ الميزانَ } فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه العَدْل، قاله الأكثرون. منهم مجاهد والسدي واللغويون. قال الزجّاج: وهذا لأن المعادلة: مُوازَنة الأشياء.

والثاني: أنه الميزان المعروف، ليتناصف الناس في الحقوق، قاله الحسن، وقتادة، والضحاك.

والثالث: أنه القرآن، قاله الحسين بن الفضل.

قوله تعالى: { ألاَّ تَطْغَوْا } ذكر الزجّاج في «أنْ» وجهين.

أحدهما: أنها بمعنى اللام؛ والمعنى: لئلاّ تَطْغَوْا.

والثاني: أنها للتفسير، فتكون «لا» للنهي؛ والمعنى: أي: لاتَطْغَوْا، أي لا تُجاوِزوا العَدْل.

قوله تعالى: { ولا تُخْسِروا الميزان } قال ابن قتيبة: أي لا تنقصوا الوزن.

فأمّا الأنام، ففيهم ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهم الناس، رواه عكرمة عن ابن عباس.

والثاني: كل ذي رُوح، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والشعبي، وقتادة، والسدي، والفراء.

السابقالتالي
2