الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ ٱلنُّذُرُ } * { كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ } * { أَكُفَّٰرُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي ٱلزُّبُرِ } * { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } * { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } * { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ }

قوله تعالى: { ولقد جاء آل فرعونَ } يعني القِبْطَ { النُّذُرُ } فيهم قولان.

أحدهما: [أنه] جمع نذير، وهي الآيات التي أنذرهم بها موسى.

والثاني: أن النُّذُر بمعنى الإنذار؛ وقد بيَّناه آنفاً، { فأخذناهم } بالعذاب { أخْذَ عَزيزٍ } أي: غالبٍ في انتقامه { مُقْتَدِرٍ } قادر على هلاكهم.

ثم خوَّف أهل مكة فقال: { أكُفّاركم } يا معشر العرب { خيرٌ } أي: أشدُّ وأقوى { مِنْ أولئكم؟! } وهذا استفهام معناه الإنكار؛ والمعنى: ليسوا بأقوى من قوم نوح وعاد وثمود، وقد أهلَكْناهم { أمْ لكم براءةٌ } من العذاب أنه لا يصيبكم ما أصابهم { في الزُّبر } أي: في الكُتب المتقدِّمة، { أم يقولون نحن جميع منتصر } المعنى: أيقولون: نحن يدٌ واحدةٌ على مَنْ خالفنا فننتصر منهم؟ وإنما وحَّد المُنْتَصِر للفظ الجميع، فإنه على لفظ «واحد» وإن كان اسماً للجماعة { سيُهْزَمُ الجمع } وروى أبو حاتم بن يعقوب: «سنهزم» بالنون، «الجمعَ» بالنصب، «وتوّلون» بالتاء، ويعني بالجمع: جمع كفار مكة { ويوّلون الدُّبرَ } ولم يقل: الأدبار، وكلاهما جائز؛ قال الفراء: مِثلُه أن يقول: إن فلانا لكثير الدِّينار والدِّرهم. وهذا مما أخبر اللهُ به نبيَّه من عِلم الغَيب، فكانت الهزيمة يومَ بدر.

قوله تعالى: { والسّاعةُ أدهى } قال مقاتل: هي أفظع { وأمَرُّ } من القتل. قال الزجاج: ومعنى الدّاهية: الأمر الشديد الذي لا يُهتدى لدوائه؛ ومعنى «أمَرُّ»: أشَدُّ مرارةً من القَتْل والأسْر.