الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ } * { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } * { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ } * { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } * { وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } * { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } * { فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ }

قوله تعالى: { هذا نذيرٌ } فيه قولان.

أحدهما: أنه القرآن، نذيرٌ بما أنذرتْ الكتبُ المتقدِّمة، قاله قتادة.

والثاني: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، نذيرٌ بما أنذرتْ به الأنبياءُ، قاله ابن جريج.

قوله تعالى: { أزِفت الآزفة } أي: دَنَت القيامة، { ليس لها مِنْ دُون الله كاشفة } فيه قولان.

أحدهما: إذا غَشِيَت الخَلْقَ شدائدُها وأهوالُها لمْ يَكْشِفها أحد ولم يرُدَّها، قاله عطاء، وقتادة، والضحاك.

والثاني: ليس لعِلْمها كاشف دونَ الله، أي: لا يَعلم عِلْمها إلاّ الله، قاله الفراء، قال: وتأنيث «كاشفة» كقوله:هل ترى لهم من باقيةٍ } [الحاقة: 8] يريد: مِن بقاءٍ؛ والعافية والباقية والناهية كُلُّه في معنى المصدر. وقال غيره: تأنيث «كاشفة» على تقدير: نفس كاشفة.

قوله تعالى: { أفَمِن هذا الحديث } قال مقاتل: يعني القرآن { تَعْجَبونَ } تكذيباً به، { وتَضْحَكون } استهزاءً { ولا تَبْكون } ممّا فيه من الوعيد؟! ويعني بهذا كفار مكة، { وأنتم سامِدون } فيه خمسة أقوال.

أحدها: لاهون، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الفّراء والزجّاج. قال أبو عبيدة: يقال: دَعْ عنك سُمودَك، أي: لَهْوك.

والثاني: مُعْرِضون، قاله مجاهد.

والثالث: أنه الغِناء، وهي لغة يمانية، يقولون: اسْمُد لنا، أي: تَغَنَّ لنا، رواه عكرمة عن ابن عباس. وقال عكرمة: هو الغِناء بالحِمْيَريَّة.

والرابع: غافلون، قاله قتادة.

والخامس: أشِرون بَطِرون، قاله الضحاك.

قوله تعالى: { فاسْجُدوا لله } فيه قولان.

أحدهما: أنه سُجود التلاوة، قاله ابن مسعود.

والثاني: سُجود الفرض في الصلاة.

قال مقاتل: يعني بقوله: «فاسْجُدوا»: الصلوات الخمس.

وفي قوله: { واعْبُدوا } قولان.

أحدهما: أنه التوحيد.

والثاني: العبادة.