الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ } * { فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ } * { يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ ٱلنُّجُومِ }

ثم ذكر عنادهم فقال: { وإن يَرَوْا كِسْفاً من السماء ساقطاً } والمعنى: لو سقط بعضُ السماء عليهم لَمَا انتهوا عن كفرهم، ولَقالوا: هذه قِطعة من السَّحاب قدُركم بعضُه على بعض.

{ فذرْهم } أي خَلِّ عنهم { حتَّى يُلاقُوا } قرأ أبو جعفر «يَلْقَوا» بفتح الياء والقاف وسكون اللام من غير ألف { يوْمَهم } وفيه ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه يوم موتهم.

والثاني: يوم القيامة.

والثالث: يوم النَّفخة الأولى.

قوله تعالى: { يُصْعَقُون } قرأ عاصم، وابن عامر: «يُصْعَقُون» برفع الياء، من أصعَقَهم غيرُهم؛ والباقون بفتحها، من صعقوهم.

وفي قوله: { يُصْعقون } قولان.

أحدهما: يموتون.

والثاني: يُغشى عليهم، كقوله:وخَرَّ موسى صعِقاً } [الأعراف: 143] وهذا يخرج على قول من قال: هو يوم القيامة، فإنهم يُغْشى عليهم من الأهوال. وذكر المفسرون أن هذه الآية منسوخة بآية السيف، ولا يصح، لأن معنى الآية الوعيد.

قوله تعالى: { يوْم لا يُغْني عنهم كيْدُهم شيئاً } هذا اليوم الأول؛ والمعنى: لا ينفعهم مكرهم ولا يدفع عنهم العذاب { ولا هُمْ يُنْصَرون } أي: يُمْنعون من العذاب.

قوله تعالى: { وإِنَّ لِلَّذين ظلموا } أي: أشركوا { عذاباً دون ذلك } أي: قبْل ذلك اليوم؛ وفيه أربعة أقوال.

أحدها: أنه عذاب القبر، قاله البراء، وابن عباس.

والثاني: عذاب القتل يوم بدر، وروي عن ابن عباس أيضاً، وبه قال مقاتل.

والثالث: مصائبهم في الدنيا، قاله الحسن، وابن زيد.

والرابع: عذاب الجوع، قاله مجاهد.

قوله تعالى: { ولكنَّ أكثرهم لا يعْلمون } أي: لا يعلمون ما هو نازلٌ بهم.

{ واصْبِر لحُكم ربِّك } أي: لما يحكُم به عليك { فإنَّك بأعيُننا } قال الزجّاج: فإنك بحيث نراك ونحفظك ونرعاك، فلا يصِلون إلى مكروهك. وذكر المفسرون: أن معنى الصبر نُسخ بآية السيف، ولا يصح لأنه لا تضادَّ.

{ وسبِّح بحمد ربِّك حين تقوم } فيه ستة أقوال.

أحدها: صلِّ لله حين تقوم من منامك، قاله ابن عباس.

والثاني: قُلْ: " سبحانك اللهمَّ وبحمدك " حين تقوم من مجلسك، قاله عطاء، وسعيد بن جبير، ومجاهد في آخرين.

والثالث: قُلْ «سبحانك الله وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جُّدك ولا إله غيرك» حين تقوم في الصلاة، قاله الضحاك.

والرابع: سبِّح الله إذا قُمْت من نومك، قاله حسّان بن عطيّة.

والخامس: صلِّ صلاة الظُّهر إذا قُمْت من نوم القائلة، قاله زيد بن أسلم.

والسادس: اذْكُر الله بلسانك حين تقوم من فراشك إلى أن تدخُل في الصلاة، قاله ابن السائب.

قوله تعالى: { ومِن اللَّيل فسبِّحْه } قال مقاتل: صلِّ المغرب وصلِّ العِشاء { وإدبار النُّجوم } قرأ زيد عن يعقوب، وهارون عن أبي عمرو، والجعفي عن أبي بكر: «وأدبار النُّجوم» بفتح الهمزة؛ وقرأ الباقون بكسرها. وقد شرحناها في [ق:40]؛ والمعنى: صلِّ له في إدبار النجوم، أي: حين تُدْبِر، أي: تغيب بضَوء الصُّبح. وفي هذه الصلاة قولان.

أحدهما: أنها الرَّكعتان قَبْل صلاة الفجر، رواه عليٌّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو قول الجمهور.

والثاني: أنها صلاة الغداة، قاله الضحاك، وابن زيد.