الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } * { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } * { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } * { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ } * { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } * { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } * { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } * { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } * { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } * { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } * { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } * { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } * { وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } * { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } * { فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ }

قوله تعالى: { والذَّاريات ذَرْواً } يعني الرِّياح، يقال: ذَرَت الرِّيحُ الترابَ تَذْرُوه ذَرْواً، إذا فرَّقَتْه، قال الزجاج: يقال ذَرَت فهي ذارية، وأذْرَت فهي مُذْرية بمعنى واحد.

{ والذّارياتِ } ، مجرورة على القَسَم، المعنى: أحْلفِ بالذّارياتِ وهذه الأشياء، والجواب { إنما تُوعَدون لَصادقٌ } ، قال قوم: المعنى: وربِّ الذاريات، وربِّ الجاريات.

قوله تعالى: { فالحاملاتِ وِقْراً } يعني السحاب التي تحمل وِقْرها من الماء.

{ فالجارياتِ يُسْراً } يعني السُّفن تجري ميسَّرة [في الماء] جَرياً سهلاً.

{ فالمقسِّماتِ أَمْراً } يعني الملائكة تقسم الأمور على ما أمَر اللهُ به، قال ابن السائب: والمقسِّمات أربعة: جبريل، وهو صاحب الوحي والغِلظة، وميكائيل، وهو صاحب الرِّزق والرَّحمة، وإسرافيل، وهو صاحب الصُّور واللَّوح، وعزرائيل، وهو قابض الأرواح. وإنما أقسَم بهذه الأشياء لِما فيها من الدلالة على صُنعه وقُدرته.

ثم ذكر المُقسَم عليه فقال: { إنّما تُوعَدون } أي: من الثواب والعقاب يومَ القيامة { لَصادقٌ } أي: لَحَقّ.

{ وإنَّ الدِّين } فيه قولان.

أحدهما: الحساب.

والثاني: الجزاء { لَواقعٌ } أي: لَكائن.

ثم ذكر قَسَماً آخر فقال: { والسَّماءِ ذاتِ الحُبُكِ } وقرأ عمر بن الخطاب، وأبو رزين: { الحِبِكِ } بكسر الحاء والباء جميعاً. وقرأ عثمان بن عفان، والشعبي، وأبو العالية، وأبو حيوة، «الحِبْكِ» بكسر الحاء وإسكان الباء. وقرأ أُبيُّ ابن كعب، وابن عباس، وأبو رجاء، وابن أبي عبلة، «الحُبْكِ» برفع الحاء وإسكان الباء. وقرأ ابن مسعود، وعكرمة: «الحَبَكِ» بفتح الحاء والباء جميعاً. وقرأ أبو الدرداء، وأبو الجوزاء، وأبو المتوكل، وأبو عمران الجوني، وعاصم الجحدري: [«الحَبِكِ»] بفتح الحاء وكسر الباء.

ثم في معنى «الحبك» أربعة أقوال:

أحدها: ذات الخَلْق الحَسَن، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال قتادة.

والثاني: البُنيان المُتْقَن، قاله مجاهد.

والثالث: ذات الزِّينة، قاله سعيد بن جبير. وقال الحسن: حُبُكها نُجومها.

والرابع: ذات الطرائق، قاله الضحاك واللغويون. وقال الفراء: الحُبُك: تَكَسُّر كلِّ شيء كالرَّمْل إذا مَرَّت به الرِّيح السّاكنة، والماء القائم إذا مَرّت به الرِّيح، والشَّعرةُ الجَعْدَة تكسُّرُها حُبُك، وواحد الحُبُك: حِباك وحَبِيكة. وقال الزجاج: أهل اللغة يقولون: الحُبُك: الطرَّائق الحَسَنة، والمَحْبُوك في اللغة: ما أُجيد عملُه، وكل ما تراه من الطَّرائق في الماء وفي الرَّمْل إذا أصابته الرِّيح فهو حُبُك. وروي عن عبد الله بن عمرو أنه قال: هذه هي السماء السابعة.

ثم ذكر جواب القَسَم الثاني، قال: { إنَّكم } يعني أهل مكة { لَفي قَوْلٍ مختلِفٍ } في أمر محمد صلى الله عليه وسلم، بعضُكم يقول: شاعر، وبعضكم يقول: مجنون، وفي القرآن [بعضكم] يقول: سِحْر، وبعضكم يقول: كَهانة ورَجَز، إلى غير ذلك.

{ يؤفَكُ عنه مَنْ أُفِكَ } أي: يُصْرَف عن الإيمان [به] مَن صُرِف [فحُرِمَه]. [والهاء في «عنه» عائدة إلى القرآن، وقيل: يُصْرَف عن هذا القول، أي: من أجْله وسببه عن الإيمان من صُرِف].

السابقالتالي
2 3 4