الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } * { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } * { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } * { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ } * { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } * { قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } * { لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ } * { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } * { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }

قوله تعالى: { هل أتاكَ حديثُ ضَيْفِ إبراهيمَ المُكْرَمِينَ } «هل» بمعنى: «قد» في قول ابن عباس، ومقاتل، فيكون المعنى: قد أتاك فاستمع نَقْصُصْهُ عليك، وضَيفُه: هم الذين جاؤوا بالبشرى. وقد ذكرنا عددهم في [هود:70] وذكرنا هناك معنى الضَّيف.

وفي معنى: «المُكْرَمِينَ» أربعة أقوال.

أحدهما: لأنه أكرمهم بالعِجْل، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.

والثاني: بأن خدمهم هو وامرأته بأنفُسهما، قاله السدي.

والثالث: أنهم مُكْرَمون عند الله، قاله عبد العزيز بن يحيى.

والرابع: لأنهم أضياف، والأضياف مُكْرَمون، قاله أبو بكر الورَّاق.

قوله تعالى: { فقالوا سلاماً } قد ذكرناه في [هود:70].

قوله تعالى: { قومٌ مُنْكَرونَ } قال الزجاج: ارتفع على معنى: أنتم قومٌ مُنْكَرونَ.

وللمفسرين في سبب إنكارهم أربعة أقوال.

أحدها: لأنه لم يعرفهم، قاله ابن عباس.

والثاني: لأنهم سلَّموا عليه، فأنكر سلامهم، في ذلك الزمان وفي تلك الأرض، قاله أبو العالية.

والثالث: لأنهم دخلوا [عليه] من غير استئذان.

والرابع: لأنه رأى فيهم صورة البشر وصورة الملائكة.

قوله تعالى: { فراغَ إلى أهله } قال ابن قتيبة: أي: عَدَل إليهم في خُفْية، ولا يكون الرَّواغُ إلاَّ أن تُخْفِيَ ذهابَك ومَجيئك.

قوله تعالى: { فجاء بِعِجْلٍ سمينٍ } وكان مشويّاً { فقرَّبه إليهم } قال الزجاج: والمعنى: فقرَّبه إليهم ليأكلوا منه، فلم يأكلوا، فقال: { ألا تأكلونَ }؟! على النَّكير، أي: أمرُكم في ترك الأكل ممّا أُنْكِرُه.

قوله تعالى: { فأوجس منهم خِيفةً } قد شرحناه في [هود: 70]، وذكرنا معنى «غلامٍ عليمٍ» في [الحجر: 54].

{ فأقبلَت امرأتُه } وهي: سارة. قال الفراء وابن قتيبة: لم تُقْبِل مِن مَوضع إلى مَوضع، وإنما هو كقولك: أقبلَ يَشتُمني، وأقبل يَصيح ويتكلَّم، أي: أخذ في ذلك، والصَّرَّة: الصَّيحة. وقال أبو عبيدة: الصَّرَّة: شِدة الصَّوت.

وفيما قالت في صَيحتها قولان.

أحدهما: أنها تأوَّهتْ، قال قتادة.

والثاني: أنها قالت: يا ويلتا، ذكره الفراء.

قوله تعالى: { فصَكَّت وَجْهَها } فيه قولان.

أحدهما: لطمتْ وجهها، قاله ابن عباس.

والثاني: ضربتْ جبينها تعجُّباً، قاله مجاهد. ومعنى الصَّكِّ: ضَرْبُ الشيء بالشيء العريض.

{ وقالت عجوزٌ } قال الفراء: هذا مرفوع بإضمار «أتَلِدُ عجوزٌ». وقال الزجاج: المعنى: أنا عجوز عقيمٌ، فكيف ألِدُ؟! وقد ذكرنا معنى { العقيم } في [هود: 72].

{ قالوا كذلكِ قال ربُّكِ } أنك ستَلِدين غُلاماً؛ والمعنى: إنما نُخبرك عن الله عز وجل وهو حكيم عليم يَقْدِر أن يَجعل العقيم وَلُوداً، فعَلِم [حينئذ] إبراهيمُ أنهم ملائكة.

{ قال فما خَطْبُكم } مفسر في [الحجر: 57].

قوله تعالى: { حجارةً من طِينٍ } قال ابن عباس: هو الآجُرُّ.

قوله تعالى: { مُسوَّمةً عند ربِّك } قد شرحناه في [هود: 83].

قوله تعالى: { للمُسرِفين } قال ابن عباس: للمشركين.

قوله تعالى: { فأخرَجْنا مَن كان فيها } ، أي: من قُرى لوط { مِن المؤمنين } وذلك قوله تعالى:فأسْرِ بأهلك... } الآية: [هود: 82].

{ فما وَجَدْنَا فيها غيرَ بَيْتٍ من المُسلمين } وهو لوط وابنتاه، وصَفهم اللهُ عز وجل بالإيمان والإسلام، لأنه ما من مؤمِن إلا وهو مُسْلِم.

{ وتَرَكْنا فيها آيةً } أي: علامة للخائفين من عذاب الله تَدُلُّهم على أن الله أهلكهم. وقد شرحنا هذا في [العنكبوت: 35] وبيَّنَّا الَمكني عنها.