الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ ٱنْظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ }

قوله تعالى: { ما المسيح بن مريم إِلا رسول } فيه ردٌ على اليهود في تكذيبهم رسالته، وعلى النصارى في ادّعائهم إِلهيَّته. والمعنى: أنه ليس بالهٍ، وإِنما حكمُه حكم من سبقه من الرسل. وفي قوله: { وأُمه صدِّيقة } ردٌ على من نسبها من اليهود إِلى الفاحشة. قال الزجاج: والصدّيقة: المبالغة في الصدق، وصدِّيق «فعِّيل» من أبنية المبالغة، كما تقول: فلانٌ سكّيت، أي: مبالغ في السكوت.

وفي قوله تعالى: { كانا يأكلان الطعام } قولان.

أحدهما: أنه بيّن أنهما يعيشان بالغذاء، ومن لا يُقيمه إِلا أكل الطعام فليس باله، قاله الزجاج.

والثاني: أنه نبه بأكل الطعام على عاقبته، وهو الحدث، إِذ لا بد لآكل الطعام من الحدث، قاله ابن قتيبة. قال: وقوله: { انظر كيف نبيِّن لهم الآيات } من ألطف ما يكون من الكناية. و«يؤفكون» يُصرفون عن الحق ويُعدَلون، يقال: أفِك الرجل عن كذا: إِذا عدل عنه، وأرض مأفوكة: محرومة المطر والنبات، كأن ذلك صُرِف عنها وعدل.