قوله تعالى: { إِنما وليكم الله ورسوله } اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال. أحدها: " أن عبد الله بن سلام وأصحابه جاؤوا إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إِن قوماً قد أظهروا لنا العداوة، ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبُعد المنازل، فنزلت هذه الآية، فقالوا: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين، وأذَّن بلال بالصلاة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا مسكين يسأل الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل أعطاك أحدٌ شيئاً»؟ قال: نعم قال «ماذا»؟ قال: خاتم فضة. قال: «من أعطاكه»؟ قال: ذاك القائِم، فاذا هو علي بن أبي طالب، أعطانيه وهو راكع، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية " ، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مقاتل. وقال مجاهد: نزلت في علي بن أبي طالب، تصدق وهو راكع. والثاني: أن عبادة بن الصّامت لما تبرأ من حلفائه اليهود نزلت هذه الآية في حقه، رواه العوفي عن ابن عباس. والثالث: أنها نزلت في أبي بكر الصديق، قاله عكرمة. والرابع: أنها نزلت فيمن مضى من المسلمين ومن بقي منهم، قاله الحسن. قوله تعالى: { ويؤتون الزكاة وهو راكعون } فيه قولان. أحدهما: أنهم فعلوا ذلك في ركوعهم، وهو تصدق علي عليه السلام بخاتمه في ركوعه. والثاني: أن من شأنهم إِيتاء الزكاة وفعل الركوع. وفي المراد بالركوع ثلاثة أقوال. أحدها: أنه نفس الركوع على ما روى أبو صالح عن ابن عباس. وقيل: إِن الآية نزلت وهُم في الركوع. والثاني: أنه صلاة التطوّع بالليل والنهار، وإنما أُفرد الركوع بالذكر تشريفاً له، وهذا مروي عن ابن عباس أيضا. والثالث: أنه الخضوع والخشوع، وأنشدوا:
لا تُذِلَّ الفقيرَ عَلََّك أنْ تَرْ
كَعَ يَوْماً والدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ
ذكره الماوردي. فأما «حزب الله» فقال الحسن: هم جند الله. وقال أبو عبيدة: أنصار الله. ثم فيه قولان. أحدهما: أنهم المهاجرون والأنصار، قاله ابن عباس. والثاني: الأنصار، ذكره أبو سليمان.