الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوا يَامُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ }

قوله تعالى: { إن فيها قوماً جبارين } قال الزجاج: الجبار من الآدميّين: الذي يُجبِر الناس على ما يريد، يقال: جبار: بَيِّنُ الجَبَرِيَّة، والجِبِرِيَّة بكسر الجيم والباء، والجَبَرُوَّةُ والجُبُّورة والتَّجبار والجَبَرُوت.

وفي معنى وصفه هؤلاء بالجبارين ثلاثة أقوال.

أحدها: أنهم كانوا ذوي قوّة، قاله ابن عباس.

والثاني: أنهم كانوا عظام الخلْق والأجسام، قاله قتادة.

والثالث: أنهم كانوا قتَّالين، قاله مقاتل.

الإِشارة إِلى القصَّة

قال ابن عباس: لما نزل موسى وقومه بمدينة الجبارين، بعث اثني عشر رجلاً، ليأتوه بخبرهم، فلقيَهم رجل من الجبارين، فجعلهم في كسائِه، فأتى بهم المدينة، ونادى في قومه، فاجتمعوا، فقالوا لهم: من أين أنتم؟ فقالوا: نحن قوم موسى بعثنا لنأتيَه بخبركم، فأعطوهم حبَّةً من عنبٍ توقر الرجل، وقالوا لهم: قولوا لموسى وقومه: اقدروا قدر فاكههم، فلما رجعوا، قالوا: يا موسى إِن فيها قوماً جبارين. وقال السدي: كان الذي لقيهم، يقال له: عاج، يعني: عوج بن عناق، فأخذ الاثني عشر، فجعلهم في حُجرته وعلى رأسه حُزمة حطب، وانطلق بهم إِلى امرأته، فقال: انظري إِلى هؤلاء الذين يزعمون أنهم يريدون قتالنا، فطرحهم بين يديها، وقال: ألا أطحنهم برجلي؟ فقالت امرأته: لا، بل خلِّ عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا. فلما خرجوا قالوا: يا قوم إِن أخبرتم بني إِسرائيل بخبر القوم، ارتدوا عن نبي الله، فأخذوا الميثاق بينهم على كتمان ذلك، فنكث عشرة، وكتم رجلان. وقال مجاهد: لما رأى النُّقباءُ الجبارينَ وجدوهم يدخل في كمِّ أحدهم اثنان منهم، ولا يحمل عنقود عنبهم إِلا خمسة أو أربعة، ويدخل في شطر الرّمانة إِذا نزع حبّها خمسة أو أربعة، فرجع النقباء كلُّهم ينهى سبطه عن قتالهم، إِلا يوشع، وابن يُوقنَّا.