قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا } اختلفوا في المخاطبين بهذا على قولين. أحدهما: أنهم المؤمنون من أُمتنا، وهذا قول الجمهور. والثاني: أنهم أهل الكتاب، قاله ابن جريج. «والعقود»: العهود، قاله ابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، وقتادة، والضحاك، والسدي، والجماعة. وقال الزجاج: «العقود»: أوكد العهود. واختلفوا في المراد بالعهود هاهنا على خمسة أقوال. أحدها: أنها عهود الله التي أخذها على عباده فيما أحلّ وحرّم، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد. والثاني: أنها عهود الدين كلها، قاله الحسن. والثالث: أنها عهود الجاهلية، وهي الحِلْفُ الذي كان بينهم، قاله قتادة. والرابع: أنها العهود التي أخذها الله على أهل الكتاب من الإِيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن جريج، وقد ذكرنا عنه أن الخطاب للكتابيين. والخامس: أنها عقود الناس بينهم، من بيع، ونكاح، أو عقد الإِنسان على نفسه من نذر، أو يمين، وهذا قول ابن زيد. قوله تعالى: { أُحلت لكم بهيمة الأنعام } في بهيمة الأنعام ثلاثة أقاويل. أحدها: أنها أجنّة الأنعام التي توجد ميتة في بطون أُمهاتها إِذا ذبحت الأُمهات، قاله ابن عمر، وابن عباس. والثاني: أنها الإِبل، والبقر، والغنم، قاله الحسن، وقتادة، والسدي. وقال الربيع: هي الأنعام كلها. وقال ابن قتيبة: هي الإِبل، والبقر، والغنم، والوحوش كلها. والثالث: أنها وحش الأنعام كالظباء، وبقر الوحش، روي عن ابن عباس، وأبي صالح. وقال الفراء: بهيمة الأنعام بقر الوحش، والظباء، والحمر الوحشيّة. قال الزجاج: وإِنما قيل لها بهيمة، لأنها أبهمت عن أن تميّز، وكل حي لا يميّز فهو بهيمة. قوله تعالى: { إِلا ما يتلى عليكم } روي عن ابن عباس أنه قال: هي الميتة وسائِر ما في القرآن تحريمه. وقال ابن الأنباري: المتلو علينا من المحظور الآية التي بعدها، وهي قوله: { حرمت عليكم الميتة }. قوله تعالى: { غير محلي الصيد } قال أبو الحسن الأخفش: أوفوا بالعقود غير محلي الصيد، فانتصب على الحال. وقال غيره: المعنى: أُحلت لكم بهيمة الأنعام غير مستحلي اصطيادها، وأنتم حرم، قال الزجاج: الحرم: المحرومون، وواحد الحرم: حرام، يقال: رجل حرام، وقومٌ حرمٌ. قال الشاعر:
فقلت لها فيئي إِليك فإنني
حرامٌ وإِني بعد ذاك لبيبُ
أي: ملبّ. وقوله: { إِن الله يحكم ما يريد } أي: الخلق له يحل ما يشاء لمن يشاء، ويحرم ما يريد على مَن يريد.