قوله تعالى: { محمدٌ رسولُ الله } وقرأ الشعبي، وأبو رجاء، وأبو المتوكل، والجحدري: " محمداً رسولُ الله " بالنصب فيهما. قال ابن عباس شَهِد: له بالرِّسالة. قوله تعالى: { والذين معه } يعني أصحابه والأشدّاء: جمع شديد. قال الزجاج: والأصل أَشْدِدَاءُ، نحو نصيب وأنصباء، ولكن الدّالَين تحركتا، فأُدغمت الأولى في الثانية، [ومثله] { مَنْ َيْرَتَّد منكم } [المائدة:54]. قوله تعالى: { رُحَماءُ بينَهم } الرُّحَماء جمع رحيم، والمعنى: أنهم يُغْلِظون على الكفار، وَيتوادُّون بينَهم { تَراهم رُكَّعاً سُجَّداً } يَصِفُ كثرة صَلاتهم { يبتغون فَضْلاً من الله } وهو الجنة { ورِضواناً } وهو رضى الله عنهم. وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجُمهور وروى مبارك بن فضاله عن الحسن البصري أنه قال: " والذين معه " أبو بكر " أشداء على الكفار " عمر " رحماء بينهم " عثمان " تراهم رُكَّعاً سُجَّداً " عليّ بن أبي طالب " يبتغون فضلاً من الله ورضواناً " طلحة والزبير وعبدالرحمن وسعد وسعيد وأبو عبيدة. قوله تعالى: { سِيماهم } أي: علامتهم { في وُجوههم } ، وهل هذه العلامة في الدنيا، أم في الآخرة؟ فيه قولان. أحدهما: في الدنيا. ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنها السَّمْت الحسن، قاله ابن عباس في رواية ابن أبي طلحة؛ وقال في رواية مجاهد: أما إِنه ليس بالذي ترون، ولكنه سيما الإِسلام وسَمْتُه وخُشوعُه، وكذلك قال مجاهد: ليس بِنَدَبِ التراب في الوجه، ولكنه الخُشوع والوَقار والتواضع. والثاني: أنه نَدَى الطَّهور وتَرَى الأرض، قاله سعيد بن جبير. وقال أبو العالية: لأنهم يسجُدون على التراب لا على الأثواب. وقال الأوزاعي: بلغني أنه ما حمَلَتْ جباهُهم من الأرض. والثالث: أنه السُّهوم، فإذا سهم وجه الرجُل من الليل أصبح مُصفارّاً. قال الحسن البصري: " سيماهم في وجوههم ": الصُّفرة؛ وقال سعيد بن جبير: أثر السهر؛ وقال شمر بن عطية: هو تهيُّج في الوجه من سهر الليل. والقول الثاني: أنها في الآخرة. ثم فيه قولان. أحدهما: أن مواضع السجود من وجوههم يكون أشدَّ وجوههم بياضاً يوم القيامة، قاله عطية العوفي، وإِلى نحو هذا ذهب الحسن، والزهري. وروى العوفي عن ابن عباس قال: صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة. والثاني: أنهم يُبْعَثون غُراً محجَّلين من أثر الطَّهور، ذكره الزجاج. قوله تعالى: { ذلك مَثَلُهم } أي: صِفَتُهم والمعنى أن صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه { في التوراة } هذا. فأما قوله: { ومَثَلُهم في الإِنجيل } ففيه ثلاثة أقوال. أحدها: أن هذا المَثَل المذكور أنه في التوراة هو مَثَلُهم في الإِنجيل. قال مجاهد: مَثَلُهم في التوراة والإِنجيل واحد. والثاني: أن المتقدِّم مَثَلُهم في التوراة، فأمّا مَثَلُهم في الإِنجيل فهو قوله: { كزرعٍ } ، وهذا قول الضحاك، وابن زيد.