وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: { سيقول المُخلَّفون } الذين تخلَّفُوا عن الحديبية { إِذا انطلقتم إِلى مَغانِمَ } وذلك أنهم لمّا انصرفوا عن الحديبية بالصُّلح وعَدَهم اللهُ فَتْحَ خيبر، وخصَّ بها من شَهد الحديبية فانطلقوا إِليها، فقال هؤلاء المخلَّفون: { ذَرونا نتَّبعْكم } ، قال الله تعالى: { يريدون أن يبدِّلوا كلام الله } وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: " أن يبدِّلوا كَلِمَ الله " بكسر اللام. وفي المعنى قولان: أحدهما: أنه مواعيد الله بغنيمة خيبر لأهل الحديبية خاصة، قاله ابن عباس. والثاني: أمْرُ الله نبيَّه أن لا يسير معه منهم أحد، وذلك أن الله وعده وهو بالحديبية أن يفتح عليه خيبر، ونهاه أن يسير معه أحد من المتخلِّفين، قاله مقاتل. وعلى القولين: قصدوا أن يجيز لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالِف أمْرَ الله، فيكون تبديلاً لأمره. قوله تعالى: { كذلكم قال اللهُ مِنْ قَبْلُ } فيه قولان. أحدهما: قال إِن غنائم خيبر لِمَن شَهِد الحديبية، وهذا على القول الأول. والثاني: قال لن تتَّبعونا، وهذا قول مقاتل. { فسيقولون بل تحسُدوننا } أي: يمنعُكم الحسد من أن نُصيب معكم الغنائم.