الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } * { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } * { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ }

قوله تعالى: { إِن تنصُروا اللهَ } أي: تنصُروا دينه ورسوله { ينصُرْكم } على عدوِّكم { ويثبِّتْ أقدامكم } عند القتال. وروى المفضل عن عاصم: { ويُثْبِتْ } بالتخفيف.

{ والذين كَفَروا فتَعْساً لهم } قال الفراء: المعنى: فأتْعَسَهم اللهُ، والدُّعاء قد يجري مَجرى الأمر والنهي. قال ابن قتيبة: هو من قولك: تَعَسْتُ، أي: عَثَرْتُ وسَقَطْتُ. وقال الزجاج: التَّعْسُ في اللغة: الانحطاط والعُثُور. وما بعد هذا قد سبق بيانه [الكهف: 105] [يوسف: 109] إِلى قوله: { دمَّر اللهُ عليهم } أي: أهلكم [اللهُ] { وللكافرين أمثالُها } أي: أمثالُ تلك العاقبة.

{ ذلك } الذي فعله بالمؤمنين من النصر، وبالكافرين من الدَّمار { بأنَّ اللهَ مَوْلَى الذين آمَنوا } أي: ولِيُّهم.

وما بعد هذا ظاهر إِلى قوله: { ويأكُلون كما تأكُل الأنعامُ } أي: إِن الأنعام تأكُل وتشرب، ولا تَدري ما في غدٍ، فكذلك الكفار لا يلتفتون إِلى الآخرة. والمَثْوىَ: المَنْزِل.

{ وكأيِّن } مشروح في [آل عمران: 146]. والمراد بقريته مكة؛ وأضاف القوة والإخراج إِليها، والمراد أهلُها ولذلك قال { أهلَكْناهم }.

قوله تعالى: { أفَمَن كان على بيِّنة من ربِّه } فيه قولان.

أحدهما: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله أبو العالية.

والثاني: أنه المؤمن، قاله الحسن.

وفي { البيِّنة } قولان.

أحدهما: القرآن، قاله ابن زيد.

والثاني: الدِّين، قاله ابن السائب.

{ كمَنْ زُيِّن له سوءُ عمله } يعني عبادة الأوثان، وهو الكافر { واتَّبَعوا أهواءَهم } بعبادتها.