الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } * { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } * { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } * { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } * { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } * { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } * { سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّ المُجْرِمينَ } يعني الكافرين، { لا يُفَتَّرُ } أي: لا يُخَفَّفُ { عنهم وهُم فيه } يعني في العذاب { مُبْلِسُونَ } قال ابن قتيبة: آيسون من رحمة الله. وقد شرحنا هذا في [الأنعام:44] { وما ظَلَمْناهم } أي: ما عذَّبْناهم على غير ذَنْبٍ { ولكن كانوا هُمُ الظالمين } لأنفسهم بما جَنَوْا عليها. قال الزجاج: والبصريُّون يقولون: " هُم " هاهنا فصل، كذلك يسمُّونها، ويسمِّيها الكوفيُّون العِماد.

قوله تعالى: { ونادَوا يا مالِكُ } وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وابن مسعود، وابن يعمر: [ " يا مالِ " ] بغير كاف مع كسر اللام. قال الزجاج: وهذا يسميه النحويون: [الترخيم]، ولكني أكرهها لمخالفة المصحف.

قال المفسرون: يَدْعُون مالكاً خازنَ النار فيقولون { لِيَقْضِ علينا ربُّكَ } [أي]: لِيُمِتْنا؛ والمعنى: أنهم توسَّلوا به ليَسأل الله تعالى لهم الموتَ فيستريحوا من العذاب؛ فيسكُت، عن جوابهم مُدَّةً، فيها أربعة أقوال.

أحدها: أربعون عاماً، قاله عبد الله بن عمرو، ومقاتل.

والثاني: ثلاثون سنة قاله أنس.

والثالث: ألف سنة، قاله ابن عباس.

والرابع: مائة سنة، قاله كعب.

وفي سكوته عن جوابهم هذه المدة قولان.

أحدهما: أنه سكت حتى أوحى الله إِليه أَن أَجِبْهم، قاله مقاتل.

والثاني: لأن بُعْدَ ما بين النداء والجواب أخزى لهم وأذَلُّ.

قال الماوردي: فردَّ عليهم مالك فقال { إِنكم ماكثون } أي: مقيمون في العذاب.

{ لقد جئناكم بالحق } أي: أرسَلْنا رسلنا بالتوحيد { ولكنَّ أكثركم } قال ابن عباس يريد: كُلّكم { كارِهونَ } لِما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

قوله تعالى: { أمْ أبرَموا أمْراً } في " أَمْ " قولان.

أحدهما: أنها للاستفهام.

والثاني: بمعنى " بل " والإِبرام: الإِحكام. وفي هذا الأمر ثلاثة أقوال.

أحدها: المَكْرُ برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتُلوه أو يُخْرِجوه حين اجتمعوا في دار النَّدوة؛ وقد سبق بيان القصة [الأنفال:30]، قاله الأكثرون.

والثاني: أنه إِحكام أمرهم في تكذيبهم، قاله قتادة.

والثالث: أنه إِبرامُ أمرهم يُنجيهم من العذاب قاله الفراء.

{ فإنّا مُبرِمون } أي: مُحْكِمون أمراً في مجازاتهم.

{ أَمْ يَحْسَبوْن أنّا لا نَسْمَع سِرَّهم } وهو ما يُسِرُّونه من غيرهم { ونجواهم } ما يتناجَوْن به بينهم { بلى } والمعنى: إنّا نَسمع ذلك { ورُسُلنا } يعني [من] الحَفَظة { لديهم يكتُبون }.

{ قُلْ إِنْ كان للرحمن وَلَدٌ } في " إِنْ " قولان.

أحدهما: أنها بمعنى الشرط؛ والمعنى: إِن كان له ولد في قولكم وعلى زعمكم، فعلى هذا في قوله { فأنا أوَّلُ العابدِين } أربعة أقوال.

أحدها: فأنا أول الجاحدين، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وفي رواية أخرى عن ابن عباس: أن أعرابيَّين اختصما إليه، فقال أحدهما: إِن هذا كانت لي في يده أرض، فعبدنيها. فقال ابن عباس: الله أكبر فأنا أوَّلُ العابدين الجاحدين أن لله ولداً.

السابقالتالي
2