الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَـٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } * { وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } * { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } * { وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } * { فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } * { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ }

قوله تعالى: { واسألْ مَنْ أرسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا } إن قيل: كيف يسأل الرُّسل وقد ماتوا قبله؟ فعنه ثلاثة أجوبة:

أحدها: أنه لمّا أُسري به جُمع له الأنبياءُ فصلَّى بهم، ثم قال[له] جبريل: سَلْ من أرسَلْنا قَبْلَك...الآية. فقال: لا أَسألُ، قد اكتَفَيْتُ. رواه عطاء عن ابن عباس. وهذا قول سعيد بن جبير، والزهري، وابن زيد؛ قالوا: جُمع له الرُّسل ليلةَ أُسري به، فلقَيهم، وأُمر أن يسألَهم، فما شَكّ ولا سأل.

والثاني: أن المراد: [اسأل] مؤمني أهل الكتاب [من] الذين أرسلت إِليهم الأنبياء، روي عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والسدي في آخرين. قال ابن الأنباري: والمعنى سَلْ أتباع مَنْ أرسَلْنا قَبْلَكَ، كما تقول: السخاء حاِتم، أي: سخاء حاتِم، والشِّعر زهير، أي: شِعر زهير. وعند المفسرين أنه لم يسأل على القولين. وقال الزجاج: هذا سؤال تقرير، فإذا سأل جميع الأمم، لم يأتوا بأن في كتبهم: أن اعبدوا غيري.

والثالث: [أن] المُراد بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم: خطابُ أُمَّته، فيكون المعنى: سَلُوا، قاله الزجاج. وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: { إذ هُمْ منها يَضحكون } استهزاءً بها وتكذيباً.

{ وما نُريهم مِنْ آيةٍ إِلاّ هي أكبرُ مِنْ أُختها } يعني ما ترادف عليهم من الطُّوفان والجراد والقُمَّل والضَّفادع والدَّم والطَّمْس، فكانت كُلُّ آية أكبرَ من التي قَبْلَها، وهي العذاب المذكور في قوله: { وأَخَذْناهم بالعذاب } ، فكانت عذاباً لهم، ومعجزات لموسى عليه السلام.

قوله تعالى: { وقالوا يا أيُّها السّاحر } في خطابهم له بهذا ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهم أرادوا: يا أيها العالِم، وكان الساحر فيهم عظيماً، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: أنهم قالوه على جهة الاستهزاء، قاله الحسن.

والثالث: أنهم خاطبوه بما تقدَّم له عندهم من التَّسمية بالسّاحر، قاله الزجّاج.

قوله تعالى: { إنَّنا لَمُهتدون } أي: مؤمنون بك. فدعا موسى فكُشف عنهم، فلم يؤمِنوا. وقد ذكرنا ما تركناه هاهنا في [الأعراف: 135].

قوله تعالى: { تَجْرِي مِنْ تَحتي } أي: من تحت قصوري { أفلا تُبْصِرونَ } عظَمتي وشِدَّةَ مُلكي.

؟! { أَمْ أنا خَيْرٌ } قال أبو عبيدة: أراد: بل أنا خَيْرٌ. وحكى الزجاج عن سيبويه والخليل أنهما قالا: عطف { أنا } بـ { أمْ } على { أفلا تُبْصِرون } [فكأنه قال: أفلا تُبْصِرون] أم أنتم بُصَراء؟!. لأنهم إِذا قالوا: أنتَ خيرٌ منه، فقد صاروا عنده بُصَراءَ. قال الزجاج: والمَهينِ القليل؛ يقال: شيء مَهِين، أي: قليل. وقال مقاتل: " مَهِين " بمعنى ذليل ضعيف.

قوله تعالى: { ولا يكاد يُبين } أشار إِلى عُقدة لسانه التي كانت به ثم أذهبها الله عنه، فكأنه عيَّره بشيءٍ قد كان وزال، ويدل على زواله قوله تعالى:قد أُوتيتَ سؤلكَ يا موسى } [طه: 36]، وكان في سؤاله:

السابقالتالي
2