الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } * { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { بَلْ مَتَّعْتُ هَـٰؤُلاَءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } * { وَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّني بَراءٌ } قال الزجاج: البَراء بمعنى البَريء، والعرب تقول للواحد: أنا البَراء منك، وكذلك للإثنين والجماعة، وللذكر والأنثى، يقولون: نحن البَراء منك والخلاء منك، لا يقولون: نحن البَراءان منك، ولا البَراءون منك، وإِنما المعنى: أنا ذو البَراء منك، ونحن ذو الَبراء منك، كما يقال: رجل عَدْل، وامرأة عَدْل. وقد بيَّنَّا استثناء إبراهيم ربَّه عز وجل مما يعبدون عند قوله:إلاّ ربِّ العالَمِين } [الشعراء: 77].

قوله تعالى: { وجَعَلَها } يعني كلمة التوحيد، وهي " لا إله إلا الله " { كَلِمةً باقيةً في عَقِبِه } أي: فيمن يأتي بعده من ولده، فلا يزال فيهم موحِّد { لعلَّهم يَرْجِعونَ } إَلى التوحيد كلُّهم إِذا سمعوا أن أباهم تبرَّأ من الأصنام ووحَّد اللهَ عز وجل.

ثم ذكر نعمته على قريش فقال: { بل متَّعتُ هؤلاء وآباءهم } والمعنى: إِنِّي أجزلتُ لهم النِّعَم ولم أُعاجلهم بالعقوبة { حتى جاءهم الحق } وهو القرآن { ورسولٌ مُبِينٌ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فكان ينبغي لهم أن يقابِلوا النِّعَم بالطاعة للرسول، فخالفوا.

{ ولمّا جاءهم } يعني قريشاً في قول الأكثرين. وقال قتادة: هم اليهود و { الحقُّ } القرآن.