الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ ٱلإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } * { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ } * { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } * { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ }

قوله تعالى: { وجَعَلوا له مِنْ عِباده جُزْءاً } أمّا الجَعْل هاهنا، فمعناه: الحُكم بالشيء، وهم الذين زعموا أن الملائكةَ بناتُ الله؛ والمعنى: جَعلوا له نصيباً من الولد، قال الزجاج: وأنشدني بعض أهل اللغة بيتاً يدل على أن معنى { جزءٍ } معنى الإِناث - ولا أدري البيت قديم أو مصنوع -:
إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ، يَوْماً، فلا عَجَبٌ   قد تُجْزِىءُ الحُرَّةُ المِذْكارُ أَحْيانا
أي: آنثت، ولدت أُنثى.

قوله تعالى: { إِنَّ الإِنسان } يعني الكافر { لَكَفورٌ } أي: جَحودٌ لِنِعَم الله عز وجل { مُبِينٌ } أي: ظاهرُ الكُفر.

ثم أنكر عليهم فقال: { أمِ اتَّخَذَ مِمّا يَخْلُقُ بناتٍ } وهذا استفهام توبيخ وإِنكار { وأصْفاكم } أي: أخلَصَكم بالبنينَ.

{ وإِذا بُشِّر أحدُهم بما ضَرَبَ للرحمن مَثَلاً } أي: بما جعل لله شبها، وذلك أن ولد كلِّ شيء شبهه وجنسه. والآية مفسرة في [النحل:58].

قوله تعالى: { أَوَمَنْ يُنْشَّأُ } قرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وحفص: { يُنَشَّأُ } بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين، وقرأ الباقون: بفتح الياء وسكون النون. قال المبرِّد: تقديره: أو يَجَعلون من ينشأ (في الحِلْية) قال أبو عبيدة: الحِلْية: الحِلَى.

قال المفسرون: والمراد بذلك: البنات، فإنهنُ ربِّين في الحُلِيِّ والخصام بمعنى المُخاصَمة، { غيرُ مُبِينٍ } حُجَّةً. قال قتادة: قلَّما تتكلَّم امرأة بحُجَّتها إلاّ تكلَّمتْ بالحُجَّة عليها.

وقال بعضهم: هي الأصنام.