الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلْجَوَارِ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } * { إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } * { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } * { وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } * { فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }

قوله تعالى: { مِنْ آياته الجَواري في البحر } والمراد بالجوارِ: السفن. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: " الجواري " بياء في الوصل، إِلاّ أن ابن كثير يقف أيضاً بياءٍ، وأبو عمرو بغير ياء، ويعقوب يوافق ابن كثير، والباقون بغير ياءٍ في الوصل والوقف؛ قال أبو علي: والقياس ما ذهب إليه ابن كثير، ومن حذف، فقد كَثُر حذف مثل هذا كلامهم.

{ كالأعلام } قال ابن قتيبة: كالجبال، واحدها: عَلَم. وروي عن الخليل بن أحمد أنه قال: كل شيء مرتفع ـ عند العرب ـ فهو عَلَم.

قوله تعالى: { إِن يشأْ يُسْكِنِ الرِّيح } التي تُجريها { فيَظْلَلْنَ } يعني الجواري { رواكدَ على ظهره } أي: سواكن على ظهر البحر { لا يَجْرِينْ }.

{ أو يُوبِقْهُنَّ } أي: يُهْلِكْهُنَّ ويُغْرِقْهُنَّ، والمراد أهل السفن، ولذلك قال: { بما كَسَبوا } أي: من الذُّنوب { ويَعْفُ عن كثير } من ذنوبهم، فيُنجيهم من الهلاك.

{ ويَعْلَمَ الذين يُجادِلون } قرأ نافع، وابن عامر: " ويَعْلَمُ " بالرفع على الاستئناف وقطعه من الأول؛ وقرأ الباقون بالنصب. قال الفراء: هو مردود على الجزم، إِلاّ أنه صُرف، والجزم إِذا صُرف عنه معطوفه نُصب.

وللمفسرين في معنى الآية قولان.

أحدهما: ويعلم الذين يخاصِمون في آيات الله حين يؤخَذون بالغرق أنه لا ملجأَ لهم.

والثاني: أنهم يعلمون بعد البعث أنه لا مهرب لهم من العذاب.

قوله تعالى: { فما أُوتيتم من شيءٍ } أي: ما أُعطيتم من الدنيا فهو متاع تتمتَّعون به، ثم يزول سريعاً { وما عند الله خيرٌ وأبقى للذين آمنوا } لا للكافرين، لأنه إنما أعدَّ لهم في الآخرة العذاب.