الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } * { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } * { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }

قوله تعالى: { تنزيلٌ } قال الفراء: يجوز أن يرتفع " تنزيلٌ " بـ { حم } ، ويجوز أن يرتفع بإضمار " هذا ". وقال الزجاج: " تنزيلٌ " مبتدأ، وخبره { كتابٌ فُصِّلَتْ آياتُه } ، هذا مذهب البصريِّين و { قرآناً } منصوب على الحال، المعنى: بُيِّنَتْ آياتُه في حال جَمْعِه، { لقومٍ يَعْلَمونَ } أي: لِمَن يَعلم.

قوله تعالى: { فأعْرَضَ أكثرُهم } يعني أهل مكة { فهم لا يَسمعونَ } تكبُّراً عنه، { وقالوا قلوبُنا في أكنَّة } أي: في أغطية فلا نفقه قولك. وقد سبق بيان " الأكنَّة " و " الوَقْر " في [الأنعام:25]. ومعنى الكلام: إنّا في تَرْكِ القبول منكَ بمنزلة من لا يَسمع ولا يَفهم، { ومِن بينِنا وبينِكَ حِجابٌ } أي: حاجزٌ في النِّحلة والدِّين. قال الأخفش: و " من " هاهنا للتوكيد.

قوله تعالى: { فاعْمَلْ } فيه قولان.

أحدهما: اعمل في إبطال أمرنا إنا عاملون على إبطال أمرك.

والثاني: اعْمَلْ على دِينكَ إنا عاملون على ديننا.

{ قُلْ إنما أنا بَشَرٌ مثلُكم } أي: لولا الوحي لَمَا دعوتُكم.

{ فاستقيموا إليه } أي: توجَّهوا إِليه بالطاعة، واستغفِروه من الشرك.

قوله تعالى: { الذين لا يؤتون الزكاة } فيه خمسة أقوال.

أحدها: لا يشهدون أن " لا إله إلا الله " رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال عكرمة. والمعنى: لا يطهِّرون أنفُسَهم من الشرك بالتوحيد.

والثاني: لا يؤمِنون بالزكاة ولا يُقِرُّون بها، قاله الحسن، وقتادة.

والثالث: لا يزكُّون أعمالهم، قاله مجاهد، والربيع.

والرابع: لا يتصدَّقون، ولا يُنفِقون في الطاعات، قاله الضحاك، ومقاتل.

والخامس: لا يُعطُون زكاة أموالهم، قال ابن السائب: كانوا يحُجُّون ويعتمرون ولا يزكُّون.

قوله تعالى: { غيرُ ممنون } أي: غير مقطوع ولا منقوص.