الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } * { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ }

قوله تعالى: { إِليه يُرَدُّ عِلْمُ السّاعة } سبب نزولها أن اليهود قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: أَخْبِرنا عن السّاعة إن كنتَ رسولاً كما تزعم، قاله مقاتل. ومعنى الآية: لا يَعْلَم قيامَها إلا هو، فإذا سُئل عنها فِعلْمُها مردودٌ إِليه.

{ وما تَخْرُج من ثمرةٍ } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: " من ثمرةٍ ". وقرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم: " من ثمراتٍ " على الجمع { مِنْ أكمامها } أي: أوعيتها. قال ابن قتيبة: أي: من المواضع التي كانت فيها مستترةً، وغلاف كل شيء: كُمُّه، وإِنما قيل: كُمُّ القميص، من هذا. قال الزجاج: الأكمام: ما غَطَّى، وكلُّ شجرة تُخْرِج ماهو مُكَمَّم فهي ذات أكمام، وأكمامُ النخلة: ما غطَّى جُمَّارَها من السَّعَفِ والليف والجِذْع، وكلُّ ما أخرجتْه النخلة فهو ذو أكمام، فالطَّلْعة كُمُّها قشرها، ومن هذا قيل للقَلَنْسُوة: كُمَّة، لأنها تُغَطِّي الرأْس، ومن هذا كُمّا القميص، لأنهما يغطِّيان اليدين.

قوله تعالى: { ويومَ يُناديهم } أي: ينادي اللهُ تعالى المشركين { أين شركائِي } الذين كنتم تزعُمون { قالوا آذَنّاكَ } قال الفراء، وابن قتيبة: أعلمناكَ، وقال مقاتل: أسمعناكَ { ما مِنّا من شهيدٍ } فيه قولان.

أحدهما: أنه من قول المشركين؛ والمعنى: ما مِنّا مِنْ شهيد بأنَّ لكَ شريكاً، فيتبرَّؤون يومئذ ممّا كانوا يقولون، هذا قول مقاتل.

والثاني: [أنه] من قول الآلهة التي كانت تُعبد؛ والمعنى: ما مِنّا من شهيد لهم بما قالوا، قاله الفراء، وابن قتيبة.

قوله تعالى: { وضَلَّ عنهم } أي: بََطَلَ عنهم في الآخرة { ما كانوا يَدْعُونَ } أي: يعبُدون في الدنيا، { وظنُّوا } أي: أيقنوا { ما لهم مِنْ مَحيصٍ } وقد شرحنا المحيص في سورة [النساء: 121].