الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } * { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ }

قوله تعالى: { ما يُقالُ لكَ إلاّ ما قد قِيل للرُّسُل مِِنْ قَبْلِكَ } فيه قولان:

أحدهما: أنه قد قيل فيمن أًرْسِلَ قَبْلَكَ: ساحر وكاهن ومجنون. وكُذِّبوا كما كًذِّبتَ، هذا قول الحسن، وقتادة، والجمهور.

والثاني: ما تُخْبَر إلاّ بما أًخْبِر الأنبياءُ قَبْلَك من أن الله غفور، وأنه ذو عقاب، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: { ولو جَعَلْناه } يعني الكتاب الذي أُنزلَ عليه { قرآناً أعجميّاً } أي: بغير لغة العرب { لقالوا لولا فُصِّلت آياتُه } أي: هلاّ بيِّنت آياتُه بالعربية حتى نفهمه؟! { أأعجميٌ وعربيٌ } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: " آعجمي " [بهمزة] ممدودة، وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: { أأعجمي } بهمزتين، والمعنى: أكِتابٌ أعجميٌّ ونبيٌّ عربي؟! وهذا استفهام إنكار؛ أي: لو كان كذلك لكان أشدَّ لتكذيبهم.

{ قُلْ هو } يعني القرآن { للذين آمنوا هُدىً } من الضلالة { وشفاءٌ } للشُّكوك والأوجاع. و " الوَقْر ": الصَّمم؛ فهُم في ترك القبول بمنزلة مَنْ في أُذنه صمم.

{ وهو عليهم عمىً } أي: ذو عمىً. قال قتادة: صَمُّوا عن القرآن وعَمُوا عنه { أولئك ينادَوْنَ من مكان بعيدٍ } أي: إِنهم لا يسمعون ولا يفهمون كالذي يُنادي من بعيد.