الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } * { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }

قوله تعالى: { إِنَّ الذين يُلْحِدونَ في آياتنا } قال مقاتل: نزلت في أبي جهل. وقد شرحنا معنى الإِلحاد في [النحل: 103]؛ وفي المراد به هاهنا خمسة أقوال:

أحدها: أنه وَضْع الكلام على غير موضعه، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثاني: أنه المُكاء والصفير عند تلاوة القرآن، قاله مجاهد.

والثالث: أنه التكذيب بالآيات، قاله قتادة.

والرابع: أنه المُعانَدة، قاله السدي.

والخامس: أنه المَيْل عن الإِيمان بالآيات، قاله مقاتل.

قوله تعالى: { لا يَخْفَوْنَ علينا } هذا وعيد بالجزاء { أفمن يُلْقَى في النار خير أم مَنْ يأتي آمِناً يومَ القيامة } وهذا عامّ، غير أن المفسرين ذكَروا فيمن أُريدَ به سبعةَ أقوال:

أحدها: أنه أبو جهل وأبو بكر الصِّدِّيق، رواه الضحاك عن ابن عباس.

والثاني: أبو جهل وعمّار بن ياسر، قاله عكرمة.

والثالث: أبو جهل ورسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن السائب، ومقاتل.

والرابع: أبو جهل وعثمان بن عفّان، حكاه الثعلبي.

والخامس: أبوجهل وحمزة، حكاه الواحدي.

والسادس: أبو جهل وعمر بن الخطاب.

والسابع: الكافر والمؤمن، حكاهما الماوردي.

قوله تعالى: { اعْمَلوا ما شئتم } قال الزجاج: لفظه لفظ الأمر، ومعناه الوعيد والتهديد.

قوله تعالى: { إنَّ الذين كَفَروا بالذِّكْر } يعني القرآن؛ ثم أخذ في وصف الذِّكر؛ وتَرَكَ جواب " إِنَّ " ، وفي جوابها هاهنا قولان:

[أحدهما]: أنه " أولئك ينادَوْنَ من مكان بعيد " ، ذكره الفراء.

والثاني: أنه متروك، وفي تقديره قولان: أحدهما: إن الذين كفروا بالذِّكْر لمّا جاءهم كفروا به. والثاني: إن الذين كفروا يجازَون بكفرهم.

قوله تعالى: { وإنَّه لَكِتابٌ عزيزٌ } فيه أربعة أقوال:

أحدها: مَنيعٌ من الشيطان لا يجد إِليه سبيلاً، قاله السدي.

والثاني: كريمُ على الله، قاله ابن السائب.

والثالث: مَنيعٌ من الباطل، قاله مقاتل.

والرابع: يمتنع على الناس أن يقولوا مِثْلَه، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: { لا يأتيه الباطل } فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: التكذيب، قاله سعيد بن جبير.

والثاني: الشيطان.

والثالث: التبديل، رويا عن مجاهد. قال قتادة: لا يستطيع إبليس أن ينقص منه حقاً، ولا يَزيد فيه باطلاً، وقال مجاهد: لا يدخل فيه ماليس منه.

وفي قوله: { مِنْ بينِ يَدَيْه ولا مِنْ خَلْفه } ثلاثة اقوال.

أحدها: بين يَدَي تنزيله، وبعد نزوله.

والثاني: أنه ليس قَبْلَه كتاب يُبْطِله، ولا يأتي بعده كتاب يُبْطِله.

والثالث: لا يأتيه الباطل في إخباره عمّا تقدَّم، ولا في إخباره عمّا تأخر.