قوله تعالى: { ومَن أحسنُ قولاً ممَّن دعا إِلى الله } فيمن أُريد بهذا ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم المؤذِّنون. روى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " نزلت في المؤذنين " ، وهذا قول عائشة، ومجاهد، وعكرمة. والثاني: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى شهادة أن لا إله إلا الله، قاله ابن عباس، والسدي، وابن زيد. والثالث: أنه المؤمن أجابَ اللهَ إلى ما دعاه، ودعا الناسَ إلى ذلك { وعمل صالحاً } في إجابته، قاله الحسن. وفي قوله: { وعَمِل صالحاً } ثلاثة أقوال: أحدها: صلّى ركعتين بعد الأذان، وهو قول عائشة، ومجاهد. وروى إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم: { ومن أحسنُ قولاً ممَّن دعا إلى الله } قال: الأذان { وعمل صالحاً } قال: الصلاة بين الأذان والإِقامة. والثاني: أدَّى الفرائض وقام لله بالحقوق، قاله عطاء. والثالث: صام وصلَّى، قاله عكرمة. قوله تعالى: { ولا تَستوي الحسنةُ ولا السَّيَّئةُ } قال الزجاج: " لا " زائدة مؤكِّدة؛ والمعنى: ولا تستوي [الحسنة] والسَّيِّئة. وللمفسرين فيهما ثلاثة أقوال: أحدها: أن الحسنة: الإِيمان، والسَّيِّئة: الشِّرك، قاله ابن عباس. والثاني: الحِلْم والفُحْش، قاله الضحاك. والثالث: النُّفور والصَّبر، حكاه الماوردي. قوله تعالى: { ادفَعْ بالَّتي هي أحسنُ } وذلك كدفع الغضب بالصبر، والإِساءة بالعفو، فإذا فعلتَ ذلك صار الذي بينك وبينه عداوة كالصَّديق القريب، وقال عطاء: هو السَّلام على من تعاديه إذا لَقِيتَه. قال المفسرون: وهذه الآية منسوخة بآية السيف. قوله تعالى: { وما يُلَقَّاها } أي: ما يُعْطاها. قال الزجاج: ما يُلَقَّى هذه الفَعْلَة: وهي دفع السَّيَّئة بالحسنة { إلاّ الذين صبروا } على كظم الغيظ { وما يُلَقَّاها إلاّ ذو حَظٍّ عظيمٍ } من الخير. وقال السدي: إلاّ ذو جَدٍّ. وقال قتادة: الحظُّ العظيم: الجنة؛ فالمعنى: ما يُلَقَّاها إلاّ مَنْ وجبت له الجنة. قوله تعالى: { وإمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطانِ نَزْغٌ } قد فسَّرناه في [الأعراف: 200].