الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ } * { هُدًى وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } * { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } * { ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ خَـٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ }

{ ولقد آتينا موسى الهُدى } من الضلالة، يعني التوراة { وأورَثْنا بني إسرائيل الكتابَ } بعد موسى، وهو التوراة أيضا في قول الأكثرين؛ وقال ابن السائب: التوراة والإنجيل والزَّبور. والذِّكرى بمعنى التذكير.

{ فاصْبِر } على أذاهم { إنّ وَعْدَ الله حَقٌّ } في نصرك، وهذه الآية في هذه السورة في موضعين [غافر:55ـ77]، وقد ذكروا أنها منسوخة بآية السيف. ومعنى: { سَبّح } صَلِّ.

وفي المراد بصلاة العشيّ والإبكارِ ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها الصلوات الخمس، قاله ابن عباس.

والثاني: صلاة الغداة وصلاة العصر، قاله قتادة.

والثالث: أنها صلاة كانت قبل أن تُفرض الصلوات، ركعتان غُدوةً وركعتان عشيَّةً، قاله الحسن.

وما بعد هذا قد تقدم آنفا [المؤمن: 4] إلى قوله: { إنْ في صُدورهم إلاّ كِبرٌ... } الآية نزلت في قريش؛ والمعنى: ما يَحْمِلُهم على تكذيبك إلاّ ما في صدورهم من التكبُّر عليك، وما هم ببالغي مقتضى ذلك الكِبْر؛ لأن الله تعالى مُذِلُّهم { فاستعذ بالله } من شرِّهم؛ ثم نبَّه على قدرته بقوله { لَخَلْقُ السموات والأرض أكبرُ من خَلْقِ الناس } أي: من إعادتهم، وذلك لكثرة أجزائها وعظم جِرْمها، فنبَّههم على قُدرته على إعادة الخَلْق { ولكنَّ أكثر الناس لا يَعلمونَ } يعني الكفار حين لا يستدلُّون بذلك على التوحيد. وقال مقاتل: عظمَّت اليهودُ الدجّالَ وقالوا: إن صاحبنا يُبعَث في آخر الزمان وله سلطان، فقال الله: { إن الذين يجادِلونَ في آيات الله } لأن الدجّال من آياته، { بغير سُلطان } أي: [بغير] حجة، فاستعذ بالله من فتنة الدجّال. قال: والمراد بـ { خَلْق الناس }: الدجّال؛ وإلى نحو هذا ذهب أبو العالية، والأول أصح.

وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: { ادْعُوني أَسْتَجِبْ لكم } فيه قولان.

أحدهما: وحِّدوني واعبُدوني أثِبْكم، قاله ابن عباس.

والثاني: سلوني أُعْطِكم، قاله السدي.

{ إن الذين يَستكبِرونَ عن عبادتي } فيه قولان.

أحدهما: عن توحيد،.

والثاني: عن دعائي ومسألتي { سَيَدْخُلونَ جهنَّم } قرأ ابن كثير، وأبو بكر عن عاصم، وعباس بن الفضل عن أبي عمرو: { سيُدْخَلونَ } [بضم الياء]، والباقون بفتحها والدّاخر الصّاغر.

وما بعد هذا قد سبق في مواضع متقرفة [يونس:67] [القصص:73] [الأنعام:95] [النمل:61] [الأعراف:54ـ 29] [الحج:5] إلى قوله { ولِتبلُغوا أجلاً مسمىً } وهو أجل الحياة إلى الموت { ولعلَّكم تَعقِلونَ } توحيدَ الله وقدرتَه.