قوله تعالى: { الذين يجادِلونَ } قال الزجاج: هذا تفسير المسرف المرتاب، والمعنى: هُمْ الذين يجادِلونَ في آيات الله. قال المفسرون: يجادِلونَ في إبطالها والتكذيب بها بغير سلطان، أي: بغير حُجَّة أتتهم من الله. { كَبُرَ مَقْتاً } أي: كَبُرَ جدالُهم مَقْتاً عند الله وعند الذين آمنوا، والمعنى: يَمْقُتهم الله ويَمْقُتهم المؤمنون بذلك الجدال. { كذلك } أي: كما طَبَع اللهُ على قلوبهم حتى كذَّبوا وجادلوا بالباطل، يَطْبع { على كلِّ قلبِ متكبِّرٍ } عن عبادة الله وتوحيده. وقد سبق بيان معنى الجبّار في [هود: 59]. وقرأ أبو عمرو: { على كلِّ قلبٍ } بالتنوين، وغيرُه من القرّاء السبعة يُضيفه. وقال أبو علي: المعنى: يطبع على جملة القلب من المتكبِّر. واختار قراءة الإِضافة الزجاج: قال: لأن المتكبِّر هو الإِنسان، لا القلب. فإن قيل: لو كانت هذه القراءة أصوب لتقدَّم القلبُ على الكُلِّ؟. فالجواب: أن هذا جائز عند العرب، قال الفراء: تقدُّم هذا وتأخُّره واحد، سمعتُ بعض العرب يقول: هو يرجِل شعره يومَ كل جمعة، يريد: كلَّ يوم جمعة، والمعنى واحد. وقد قرأ ابن مسعود، وأبو عمران الجوني: { على قلبِ كلِّ متكبِّر } بتقديم القلب. قال المفسرون: فلمّا وعظ المؤمنُ فرعونَ وزجره عن قتل موسى، قال فرعونُ لوزيره: { يا هامانُ ابنِ لي صَرْحاً } وقد ذكرناه في [القصص: 38]. قوله تعالى: { لعلِّي أبلُغ الأسبابَ، أسبابَ السموات } قال ابن عباس. وقتادة: يعني أبوابها. وقال أبو صالح: طرقها. وقال غيره: المعنى: لعلِّي أبلُغُ الطُّرق من سماءٍ الى سماءٍ. وقال الزجاج لعلِّي أبلُغ ما يؤدِّيني إلى السموات. وما بعد هذا مفسَّر في [القصص:38] إلى قوله: { وكذلك } أي: ومِثْلُ ما وصفْنا { زُيِّنَ لفرعونَ سُوءُ عمله وَصُدَّ } عن سبيل الهدى قرأ عاصم، وحمزة والكسائي: { وصُدَّ } بضم الصاد، والباقون بفتحها، { وما كَيْدُ فرعونَ } في إبطال آيات موسى { إلاَّ في تبابٍ } أي: في بطلان وخسران.