الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }

قوله تعالى: { فلا وربِّك لا يؤمنون } في سبب نزولها قولان.

أحدهما: " أنها نزلت في خصومة كانت بين الزبير وبين رجل من الأنصار في شِراج الحرّة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير: «اسق ثم أرسل إِلى جارك» فغضب الأنصاري، قال: يا رسول الله: أن كان ابن عمتك! فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال للزبير: «اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يبلغ الجَدْر» قال الزبير: فوالله ما أحسب هذه الآية نزلت إِلاّ في ذلك " أخرجه البخاري، ومسلم.

والثاني: أنها نزلت في المنافق، واليهودي اللذين تحاكما إِلى كعب بن الأشرف، وقد سبقت قصتهما، قاله مجاهد.

قوله تعالى: { فلا وربّك لا يؤمنون } أي: لا يكونون مؤمنين حتى يحكموك، وقيل: «لا» ردٌ لزعمهم أنهم مؤمنون، والمعنى: فلا، أي: ليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا، وهم يخالفون حكمك. ثم استأنف، فقال: وربّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم، أي: فيما اختلفوا فيه.

وفي «الحرج» قولان. أحدهما: أنه الشك، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي في آخرين. والثاني: الضيق، قاله أبو عبيدة، والزجاج. وفي قوله { ويسلموا تسليماً } قولان. أحدهما: يسلموا لما أمرتهم به فلا يعارضونك، هذا قول ابن عباس، والزجاج، والجمهور.

والثاني: يسلموا ما تنازعوا فيه لحكمك، ذكره الماوردي.