الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً }

قوله تعالى: { أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم } أي: من النفاق والزيغ. وقال ابن عباس: إِضمارهم خلاف ما يقولون { فأعرض عنهم } ولا تعاقبهم { وعظهم } بلسانك { وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً } أي: تقدّم إِليهم: إِن فعلتم الثانية، عاقبتكم. وقال الزجاج: يقال: بَلُغ الرجل يبْلُغُ بلاغة فهو بليغ: إِذا كان يبلغ بعبارة لسانه كُنه ما في قلبه.

وقد تكلم العلماء في حدّ «البلاغة» فقال بعضهم: «البلاغة»: إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ، وقيل: «البلاغة» حسن العبارة مع صحة المعنى وقيل: البلاغة: الإِيجاز مع الإِفهام، والتصرّف من غير إِضجار. قال خالد بن صفوان: أحسن الكلام ما قلت ألفاظه، وكثرت معانيه، وخيرُ الكلام ما شوّق أوّله إِلى سماع آخره، وقال غيره: إِِنما يستحق الكلام اسم البلاغة إِذا سابق لفظه معناه، ومعناه لفظه، ولم يكن لفظه إِلى سمعك أسبق من معناه إلى قلبك.

فصل

وقد ذهب قوم إلى أن «الإِعراض» المذكور في هذه الآية منسوخ بآية السيف.